الجمعة، 8 مايو 2015

تجاعيد



تجاعيد

ق.ق.ج


كانت الشمس تشرق كل صباح من الجهة ذاتها بعد أن ترسل أمامها أضواء متناثرة من خلف تلك الهضاب البعيدة . تبدأ سيرها بتثاقل كأنها تسير بمحركات تكاد تحترق. تصعد رويدا نحو الأعلى في خط مائل  حتى تصل كبد السماء. هناك تقف برهة و أشعة دافئة تصدر منها قبل أن تحزم أمرها و تبدأ رحلة الهبوط ثم تختفي عن الأنظار بصمت كأنها تدلف إلى جوف الأرض مخلّفة بقايا أضواء حمراء خفيفة من وراء تلك السهول المترامية الأطراف غربا. هذا ما كان يراه مع اطلالة كل صباح يستيقظ فيه من نومه  المضطرب, يقفز من الفراش ,يسير كرجل آلي حتى يصل أطراف البلدة , هناك يمكث من الشفق إلى الغسق بكل ما تعنيه الكلمتين من معنى.
عندما يحلّ الظلام تماما يعود أدراجه ببطء بعد أن ينهكه النهار  ..
يصل خائر القوى لكن ذلك كله لا يثبط من عزيمته على ملاحقة الغد, تماما مثل الظامئ الذي يطارد السراب.....
 تشرق الشمس ..
المشهد يعيد نفسه برتابة. .
يترقب بهدوء...
النهارات  تأتي ثم تمضي دون استئذان ..
 الغد في مكان ما !!
 هو  في أطراف البلدة, يتأمل الأيام وهي  تستنسخ بعضها ...واحدة تلو الأخرى .

 هو آخر من يعلم أنه على هامش الحياة  ..
 الغد لابد آت تمتم في قرارة نفسه..
انه في طريقه إليه.. نعم!
 الشروق من جديد ..
المشهد يتكرر..
لا جديد..
الشمس تبزغ كما فعلت كل يوم من الشرق و تختفي في الغرب...
لا جديد..
سوى أن كل شيء يصبح فاقعا أكثر فأكثر ..
كل يوم يمر, يخلف شيئا ما,
تتحول الأيام إلى زمن يمضي و تبقى  تجاعيده.






فرمز حسين
 ستوكهولم
2015-05-05
Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein

الأحد، 3 مايو 2015

تداعيات مناصفة السلطة كرديا



تداعيات مناصفة السلطة كرديا


في الوقت الذي استحوذ الكرد على تعاطف و تضامن دوليين غير مسبوق على المستويين الرسمي  و الشعبي من خلال محاربة تنظيم داعش الارهابي يطفو خلاف كردي كردي, قديم جديد على السطح, خلاف خطير من شأنه تقويض ليس فقط كل الفرص التي قد تمهد إلى تحقيق حلم طالما دغدغ مشاعر الشعب الكردي التواق إلى الحرية و هو اقامة دولته القومية الخاصة به أسوة ببقية شعوب العالم, بل أيضا خطورة ضياع المكتسبات التي حصلوا عليها حتى يومنا هذا. هذا الأمر يجب أن يعرفه الشارع الكردي و المواطن العادي الغير متحزب.
 كما هو معروف فان الاقتتال الداخلي في منتصف التسعينات بين الحزبان الكرديان البارتي الديمقراطي  بزعامة البارزاني و الاتحاد الوطني بزعامة الطالباني والذي كان ضحيته الآلاف من الأبرياء لم يكن له أية دوافع قومية أو وطنية بل كان محض اقتتال حزبي صرف و تناحر على السلطة مدعوما من القوى الاقليمية التي تتقاسم جغرافية كردستان و خدمة لأجنداتها السياسية  و لم يتوقف الطرفان عن الاقتتال حتى نهاية التسعينات و تحت ضغوط أمريكية قوية بعد  التوصل إلى  اتفاق مناصفة السلطة و بعد تأكد كل منهما بأن القبول بالتقاسم خير من أن لا تبقى سلطة على الاطلاق.
الذي حصل منذ نهاية التسعينات و حتى يومنا هذا أن الاتحاد الوطني الكردستاني فقد الكثير في مناطق نفوذه لصالح حركة التغيير(كوران) بزعامة نوشيروان مصطفى من جهة واهتمام رئيس الحزب جلال الطالباني بسياسة المركز في بغداد على حساب الاقليم بصفته رئيسا للعراق الفيدرالي و من ثم غيابه التام عن المشهد السياسي بسببه مرضه و افتقاد الحزب بذلك لكاريزميته المؤثرة من جهة أخرى و ازدياد ضعف حزب الاتحاد مقابل تنامي دور البارتي بزعامة البارزاني.
الأمر الآخر الذي له أهمية بالغة هو أن نفوذ الحزبين مقسم مناطقيا فالبارتي في كل من دهوك وأربيل عاصمة الاقليم فيما نفوذ الاتحاد الوطني في مدينة السليمانية وريفها ما يعزز ثقافة الكانتونات و يشجع ان لم يتدارك الأمر في حينه إلى خيار الالتجاء إلى ادارتين منفصلتين تعمل كل منها لصالح حزبه لا شعبه و تقع في فخ التبعية للقوى الاقليمية التي تتربص بالشعب الكردي و تضمر له الشر و يتحول قواعد و قيادات الحزبين إلى  بيادق في لعبة المحورين الايراني التركي المتنافسين على النفوذ في المنطقة!
في ظل مثل هذه الظروف و في ظل الحضور القوي لكل من الدولتان السابق ذكرهما اللتان اليوم كما في الماضي يهمها اضعاف الصف الكردي  تقترب فترة انتهاء ولاية رئيس الاقليم و جدلية التجديد الذي يتوجب تغييرا في دستور الاقليم.
لاشك أن مسعود البارزاني بإمكانه لعب دور الزعيم الكردي ذو التأثير القيادي الايجابي على مسيرة حركة التحرر الكردية كقائد ملهم لشعبه ,لكن للقيام بمثل هكذا دور عليه الابتعاد عن التشبث بالسلطة ومحاولة احتكار المناصب الهامة مثل رئاسة الحكومة لابن أخيه و ادارة أمن الاقليم لابنه مسرور الأمر الذي يفقد المصداقية في نيته خدمة شعبه والنضال من أجل إيصاله إلى بر الأمان دون ضمان بقاء السلطة محصورة في قبضة عائلته ما يتناقض مع خصال زعيم الأمة الملهم الذي من المفترض أن يرى في كل كردي ابنا ,أخا ,أختا, قريبا وعشيرة وإلا فهو شخص عادي لا يتميز في تعطشه للسطوة والملك عن أي قيادي  سياسي أو عسكري آخر و عليه توقع المعاملة من عامة الشعب على الأساس نفسه.



فرمز حسين
Farmaz_hussein@hotmail.com
ستوكهولم
2015-04-18

إمارة بهدينان و كانتون السليمانية



إمارة بهدينان و كانتون السليمانية
أم دولة كردستان؟
 في مقال سابق بعنوان "دولة كردية اليوم" كنت قد تطرقت  إلى موضوع الظروف الدولية  و رياحها التي تسير منسجمة مع تطلعات الشعب الكردي إلى تحقيق حلم طال انتظاره وهو بناء دولته القومية على ترابه, هذا اذا أجاد قادة الكرد عملية دفع الشراع في الاتجاه المنشود. حاجة الكرد إلى كيان يضمهم و يحميهم بموجب قرارات أممية تزداد مع تفاقم الأحداث و سير المنطقة نحو المجهول في كل من سورية والعراق مع تنامي خطير لثقافة التعصب المذهبي بانتشار المنظمات الارهابية من جهة و تعاظم دور التدخل الإيراني ذو الكيان المذهبي الشيعي الصرف في شؤون المنطقة من جهة أخرى. لكن ليس فقط الظروف الدولية تشكل العامل المساعد على تحقيق هذا الحلم  فهناك أمر ايجابي آخر اذ على الرغم من الخلافات السياسية و الحزبية القائمة بين مختلف القوى الكردية إلا أن النزاعات محصورة بين أطراف قليلة , فالذين بأيديهم صناعة القرار الكردي لا يتجاوز عددهم ثلاثة أطراف كردستانياً و بالاسم هم: البارزانيين , الطالبانيين , الأوجلانيين و ليس أكثر من طرفين اثنين على مستوى اقليم كردستان العراق اذا ما تم حسبان حركة التغيير مع الاتحاد الوطني الكردستاني ما يجعل أمر التوصل إلى توافق سياسي على المستوى القومي من شأنه وضع القضية الكردية في المرتبة الأولى على سلم أولويات القضايا التي بحاجة إلى حل عادل و عاجل دوليا , كما أن ذلك لا يستوجب سوى بعض التنازلات الحزبية و ربما الشخصية.
  في ظل هذه التقلبات التي تهزّ منطقة الشرق الأوسط , الارهاصات المستمرة و النهايات المجهولة للأوضاع الإقليمية التي يمكن أن ترسو إليها الأمور و في ظل هدوء في الإقليم نفسه شبيه بذلك الذي يسبق العاصفة تأتي الزيارة المرتقبة التي ينوي مسعود البارزاني القيام بها إلى الولايات المتحدة و التي من الممكن تحويلها إلى زيارة تاريخية لو تم الاعداد لها بروح زعيم ينشد الخلاص لشعبه على خلاف زيارته السابقة التي غلب عليها الطابع العائلي. من ضمن المسائل التي يُرَوَّج لها و التي من المحتمل أن يقوم البارزاني  بمناقشتها مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما هو حق الكرد في تقرير مصيرهم و بناء دولتهم المستقلة.
 من نافلة القول أن التاريخ النضالي الطويل للشعب الكردي و مواجهته لعقود آلة القتل , التهجير , الاقصاء ,الأنفال , الابادة الجماعية , استخدام مختلف أنواع الأسلحة المحرمة الدولية ضده بهدف كسر ارادته و صهره مع القوميات الأخرى من عرب , ترك وفرس يعطي الزعماء الكرد قوة الحجة و سطوة الحق. المطلوب من هؤلاء  هو الارتقاء إلى مستوى تضحيات أهلهم و عدم القبول بما هو أقل من الاستقلال ,لكن لإقناع الأمريكيين وغيرهم بأن الأمر يتعلق بهذا الشعب العريق الذي  دفع على هذا الدرب دماء الآلاف من أبناءه, لابد من تمثيل سياسي حقيقي يضم على الأقل طرفي أو أطراف الساحة السياسية في كردستان العراق.
 الشارع الكردي الذي يعلق آمالا كبيرة على حكمة مسعود البارزاني  يترصد كل حركة تصدر منه اليوم أكثر من أي وقت مضى , يدرك أن اعداد البيت الداخلي الكردي ولملمته هو مفتاح الحل و سر النجاح كما يجب أن يسبق مسألة مناقشة الدولة الكردية مع الأمريكان.
 السؤال :هل سيخيّب البارزاني آمال شعبه وأن أحلامه لا تتعدى حدود العشيرة ليحكم قبضته على مناطق نفوذ حزبه فيما يشبه الإمارة في منطقة بهدينان و لذلك اختار هذا التوقيت الذي يتزامن مع قرب نهاية فترة حكمه و مسألة التجديد له, حتى لو كان الثمن لجوء الاتحاد الوطني الكردستاني و حركة التغيير في السليمانية  إلى إعلان ادارة ذاتية شبيهة بإدارة الكانتونات في المناطق الكردية في سورية؟
اذا كان الهدف من الزيارة هو إلهاء الداخل الكردي بانتصارات سياسية فردية تساعده على التمديد لحكمه فسوف يظهر ذلك من خلال النخبة السياسية التي سترافقه .  
فرمز حسين
 ستوكهولم
2015-05-02
Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein

نها