الأحد، 28 يوليو 2013

النخبة





النخبة



فرمز حسين

مجرد سماع كلمة النخبة يذهب بنا الخيال بعيدا لرسم شخصيات متفوقة ناجحة ملهمة ودائما في الصدارة,  فئة متميزة منتقاة. هذا التصور في حد ذاته ليس خطأ فالكلمة لغويا  تعني كل ذلك بمعنى أن أية مجموعة تتمتع بمواهب وقدرات تفوق الأقران في المجتمعات التي ينتمون اليها فهم من النخبة.

  النخبة السياسية على سبيل المثال لا الحصر لها الحيز الأكبر في وسائل الاعلام على مبدأ الكفاءة التي كانت في الأساس هي المعيار حين تم تصنيفهم ضمن النخبة وهذا أمر طبيعي وصحي النسبة للرعيل الأول من النخبة , لكن اشكالية النخبوية في المجتمعات التي لا تخضع لنظم وضوابط قانونية تؤطر حجم النفوذ والتأثير في مجريات الأمور , يمنح فيها  النخبويين لأنفسهم صلاحيات لا حدود لها من بينها اختيار النخب القادمة من خلال احتكار الامتيازات وسد الطريق أمام النوابغ  ومنعهم من الوصول الى مصاف النخبة , يستثنى من ذلك أولئك الذين يمتون بصلة الى النخب القديمة , لذلك نرى معظم الأسماء المعروفة والذين كانوا من النخب محاطين  بمجموعة من ذي القربى وبذلك تتغير الشريحة الاجتماعية من نخبة الى طبقة أقرب منها الى الأرستقراطية حيث يتم فيها توريث الألقاب ,العلاقات, بيئة التواصل , طقوس  الملبس, المأكل والمشرب وسلوكية اعرف من أين يؤكل الكتف, بعيدا كل البعد عن التميّز , التفوق أو الكفاءة .  تمسك النخب بامتيازاتها الى درجة الهلع من المستقبل يجعلهم يقومون بكل ما من شأنه اجهاض أية محاولة لدخول دماء نخبوية جديدة ترفد المجتمع بالإبداعات,الحداثة وعوامل التطور , حتى اللجوء الى البلطجة مشروعة للحفاظ على نخبويتهم. هذا الأمر ينطبق على النخب كلها على اختلاف ايديولوجياتها وتنوعها دينية, سياسية كانت أم ثقافية . بذرة الفساد التي عادة يدّعي النخبويين بمحاربتها هم مزارعوها في الأساس.

 عشق السلطة ,المال, الجاه  يهيمن على النخبويين أكثر من أية شريحة اجتماعية أخرى وذلك لشعور هؤلاء

بالتميّز عن الغير , لذلك لابد أن يمتلكوا أكثر, تكون لهم سلطة أقوى ويكون لهم جاه أعظم من غيرهم فهم من النخبة.

على سبيل المثال لا الحصر سورية بملايينها الثلاثة والعشرون , أين كانت النخب الثقافية, السياسية ,الدينية حتى قبل ربيع 2011؟

هل كانت هناك نخبة أو نخبويين غير الذين تم تزكيتهم من البعث والحاكم؟
هل تجددت تلك النخب على مدى أربعون عاما؟


القوانين والدساتير التي تسري على الجميع وعلى النخبة قبل العامة مهما علا شأنهم بإمكانها وحدها أن تكون الضابطة الشرطية التي تحدّ من مسألة سوء استخدام الصلاحيات وبالتالي ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لحياة مليئة بالأمل والتجدد.


ستوكهولم 2013-07-28

فرمز حسين

مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم


Stockholm-sham.blogspot.com

Twitter.com@farmazhussein













الأحد، 21 يوليو 2013

فرسان الهجن


فرسان الهجن


فرمز حسين

 انتفاضة الشعب السوري ضد النظام الاستبدادي والتي تحولت الى ثورة تمرّ في مخاض طويل وعسير ,  تم قرصنتها بغية تمييعها, افراغها من أهدافها وكسر ارادة أبناءها لكي تخرج بالتالي ان نجحت بوليد مشوه, كل ذلك خدمة لأطراف اقليمية و دولية وحتى خدمة للنظام نفسه الذي استخدم كل ما استوجب استخدامه من عنف مدعوما من حليفيه روسيا وإيران ومستفيدا من صمت وتخاذل الدول الكبرى المتوجسين من التغييرات التي رافقت الربيع العربي, تغييرات بالنسبة لهم مجهولة التوجه في منطقة استراتيجية ليست غنية بموارد النفط والطاقة فحسب بل تعتبر أيضا بؤرة لتصدير الخطر على الأمن القومي من منظور مختلف تلك الدول.

الدلائل على أرض الواقع تشير الى أن الأسد سوف يتابع مسيرته في بحر الدماء غير به لحياة السوريين ليس فقط حتى 2014 بل ربما أبعد من ذلك.

في الوقت نفسه تتعثر المعارضة بشقيها السياسي والعسكري  فالأولى لم تتمكن من احتواء المكونات السورية معها من جهة ومن جهة أخرى فشلت وبشكل ذريع في عملية توظيف الدعم المالي الاقليمي والدولي لتسخير الفصائل المسلحة المختلفة لإرادة سياسية واحدة ووضعهم في خدمة الثورة وكذلك لم تمتلك الشجاعة الكافية للتشهير بالمتشددين الجهاديين  الذين أصبحوا وبالا على الثورة , حيث لهم برنامجهم الخاص بعيدا عن الأهداف والأسباب التي  خرج من أجلها السوريون وواجهوا رصاص النظام بصدورهم.

في هذه المرحلة من عمر الثورة السورية وتزامنا مع سماع الكثير من اللغط حول انشاء حكومة هنا وأخرى هناك من قبل قوى مختلفة معارضين,أنصاف معارضين وموالين , علينا جميعا طرح السؤال التالي على أنفسنا قبل غيرنا :

من المستفيد؟

 جبهة النصرة مشروع تركي بامتياز خلق بالتعاون مع عرب شوفينين لوأد أية استحقاقات قد يتوصل اليها أكراد سورية. كما أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي كانت له الأيادي البيضاء في انتفاضة الكرد ضد النظام في  2004 يضع نفسه في الخانة نفسها كمشروع بعثي بامتياز وبين مشاريع هذا وذاك يسقط الفأس على رؤوس شعبنا الأعزل.

على الجميع أن يعرف بأن تعامل نظام البعث وعلى رأسه بشار الأسد مع الأقليات وعلى وجه الخصوص تعاطيه مع القضية الكردية في سورية ليس إلا تكتيكا لكسب ودهم وتحييدهم بشكل مرحلي فقط.

  حتى لو سلمنا جدلا بأن الأسد يميل الى منح الأكراد ادارة ذاتية في مناطقهم ليس حبا بهم ولكن كرها بحكومة أردوغان  التي تدعم المعارضة المسلحة والسياسية ضد حكمه, ولوضع الأتراك في مأزق حرج في مواجهة الشعب الكردي في تركية, يجب أن لا ننسى بأنه لن يستطيع مخالفة أوامر أسياده الطائفيين في طهران الذين ليسوا بأفضل من تركية عندما تتعلق المسألة بحقوق الشعب الكردي , كما أن الأغلبية الساحقة من الكرد هم مسلمون سنة . انها ليست سوى لعبة لكسب الوقت .

 كرد سورية لابد لهم من التنسيق مع الفصائل الديمقراطية المعتدلة من المعارضة السورية فهم الشركاء في الوطن .

 بينما يستمر الصراع على المناصب والرواتب والمعابر وتوزيع الغنائم قبل النصر تستمر آلة القتل بحصد أرواح مواطنينا وتدمير مقدرات بلادنا بشراكة الجميع إلا الشعب , ويتبدد حلم السوريين في نيل حريتهم والتخلص من حكم الاستبداد وإحلال نظام ديمقراطي تعددي مدني يوما بعد الاخر فالرياح تجري بما تشتهيه سفينة النظام, لقد سبق وحذر من المتشددين , الارهابيين وهاهي القاعدة والنصرة وغيرهما أصبحوا حقيقة وأمر واقع.





حتى أمد قريب كان المترفين من عرب الخليج يربطون أطفالا دون سن العاشرة من الدول الفقيرة مثل السودان وشرق آسيا على ظهر الجمل أو الهجن مقابل مبالغ مادية زهيدة تدفع لذويهم في ظروف أشبه بالعبودية.

لاشك أن هناك الكثيرين من الشخصيات والقوى الوطنية المخلصة في سورية, همهم الأول والأخير هو الوطن و الذين تأبى عليهم أنفسهم أن يكونوا  فرسانا لتركية أو لقوى اقليمية أخرى أو للنظام نفسه لكي يتم ربطهم على الهجن أو الجمل في بداية السبق وإنزالهم بعد الانتهاء ان أحسنوا الأداء حظوا بوجبة دسمة وان خسروا فلهم الجلد.


ستوكهولم 2013-07-21

فرمز حسين