الأحد، 29 نوفمبر 2015

لماذا الوقت قد حان لكوردستان حرة؟

لماذا الوقت قد حان لكوردستان حرة؟

ترجمها عن الإنكليزية:
فرمز حسين

الكورد مقسمون بين حكومات الأمر الواقع المتعددة ,لكن القومية الكردية تفرض نفسها,  في الوقت الذي بقية الشرق الأوسط ينهار.لقد حان الوقت لتجاوز مرحلة المجادلة بمسالة فيما إذا  الكورد يستحقون دولة مستقلة أم لا. هناك حوالي الأربعين مليون كردي مابين تركية,العراق,إيران و سورية. أكبر مجموعة عرقية لا تملك حق تقرير مصيرها. لقد طالب الكورد دائما بالاستقلال لكن الدول التي تحكمهم كانت دائما لهم بالمرصاد ضد هذا الطلب.الولايات المتحدة و حلفائها الغربيون وقفوا دائما ضد استقلال الكورد خشية أن يساهم ذلك في زعزعة استقرار الشرق الأوسط المتقلب في الأساس .
الحجج التي كان يتم التذرع بها ضد استقلال الكورد عاف عليها الزمن.الآن لم تعد المسألة مسألة أن يسمح العالم للكورد بالاستقلال . بل انها مسالة أن يلتحق المجتمع الدولي بركب مساهمات الكورد و ماحققوه في العراق و سورية ها هي أطراف كوردية قد وضعوا أسس دول خاصة بهم و لو أنها بحكم سلطات الأمر الواقع دون انتظار الإذن من أحد.

إنها ليست دولاً مستقلة بعضوية كاملة , بعثات دبلوماسية في الأمم المتحدة و اعتراف دولي, هم ليسوا بحاجة إلى ذلك  لقد أظهر الكورد أن باستطاعتهم إدارة أمورهم بدون ذلك. في تركية حيث يعيش نصف مجموع الكورد , يطالبون بالحكم الذاتي لكنهم يواجهون دولة لا تريد حتى المفاوضة على الحقوق السياسية.
السؤال الآن هل ستقبل الولايات المتحدة  و هل سيقبل الآخرين حق الكورد في حكم أنفسهم بأنفسهم.المسألة عاجلة و ملحة نظراً لأهمية دورالكورد في كل من العراق وسورية في محاربة تنظيم الدولة. بنفس الدرجة من الأهمية, يستطيع الكورد أيضا تقبل الانقسامات فيما بينهم و التوقف عن التدخل المستمر في شؤون بعضهم البعض.
في العراق الكورد يحكمون أنفسهم منذ 1991
عندما أقامت الولايات المتحدة منطقة حظر جوي في شمال البلاد لحماية الكورد من قوات صدام حسين. الكرد أسسوا حكومة محلية, برلمان خاص بهم و دينار عراقي ذو اصدار مختلف عن الأجزاء الأخرى من البلاد و اعتمدوا طوابعاً بريدية خاصة بهم.
كوردستان العراق استطاعت الحفاظ على نفسها من العزلة و المقاطعة الدولية ومن أثار الحرب الأهلية التي قسمت المنطقة مابين الحزبين الرئيسين. بعد أن أطاحت الولايات المتحدة و حلفائها بنظام صدام حسين عام 2003
تم رسميا القبول بوضع كوردستان العراق كإقليم فيدرالي رسمياً من قبل دولة العراق.
من يومها يدير كورد العراق شؤونهم بأنفسهم مع بعض الاعتبار لبغداد  و بعض الحذر كونهم ليسوا مستقلين .
مسعود البارزاني رئيس كوردستان المنتهي ولايته و الباقي في السلطة, أعلن في صيف 2014 بأنه  يخطط لاستفتاء عام حول الاستقلال عندما بدت الدولة العراقية و كأنها على وشك الانهيار, لكنه قام بتأجيل الاستفتاء بعد بضع أشهر عندما رأى بأن الأولوية  للدفاع عن كوردستان ضد داعش. 
في الواقع حكومة الاقليم ليست بحاجة إلى إعلان الاستقلال رسمياً. إنها تتصرف كدولة مستقلة. أكراد العراق استغلوا سيطرتهم على احتياطيات النفط و أبرموا اتفاقات مع شركات نفطية أجنبية. العام المنصرم حين عرقلت بغداد دفع مستحقات الاقليم من الصادرات النفطية, بدأ كورد العراق ببيع نفط  الإقليم لحسابهم إلى الخارج. على الرغم من معارضة العراق و الولايات المتحدة  ايقاف ذلك بدعاوى قضائية دون جدوى. كما أن لديهم أيضا قوانين حدود خاصة بهم أكثر ليبرالية,ففي الوقت الذي تطالب بغداد معظم الأجانب بالحصول على تأشيرة الدخول من الخارج قبل سفرهم, يمكن الحصول على تأشيرة دخول فورية في مطاري كوردستان العراق الدوليين, أربيل و السليمانية.
السفارات الأجنبية موجودة في بغداد لكن عدد الدول التي تعترف بحاجتها إلى فتح قنصليات لها في أربيل عاصمة كوردستان يتزايد باستمرار من بينهم  الدول الخمسة ذي عضوية مجلس الأمن الدائمة في الأمم المتحدة , بالاضافة إلى تركية.الشعور في أربيل بالانفصال التام عن بقية العراق يعطي ارتياحا بين الناس.{بيل يتزايد باستمرار من
الكورد أيضا بنوا دولتهم في شمال شرق سورية في المنطقة المتاخمة لتركية و كوردستان العراق. مع انهيار سورية كدولة وجد أكرادها فرصة سانحة و اغتنموها. الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي أحد فروع حزب العمال الكوردستاني الذي يحارب تركية والآن يسيطر على معظم أراضي كوردستان سورية المعروفة بروج آفا  أي غرب كردستان.
القوات العسكرية الكوردية السورية المعروفة باسم وحدات حماية الشعب ,   تقود في الواقع الحملة الأمريكية ضد تنظيم الدولة في سورية. لأكثر من عام طردت هذه القوات داعش من أغلب المناطق الحدودية بين سورية و تركية, و حرمت الجهاديين من خطوط الإمدادات الحيوية. على الرغم من تكبدها خسائر فادحة, و افتقاد مقاتليها للدروع و الخوذ و حتى الألبسة و الضمادات الأساسية, فإن قوات حماية الشعب الآن على بعد ثلاثة أميال فقط من عاصمة داعش , الرقة.
الإدارة الكردية السورية تقول بأنها لاتريد الاستقلال. لقد أعلنوا عن عدة كانتونات وفيها إدارات ذاتية تتمتع بأكبر قدر من الصلاحيات التي تخدم الأغراض العملية المتطلبة في زمن الحرب.
قاموا بإصدار مناهج دراسية جديدة ,و ضعوا نظماً قضائية , يعملون على تطوير التنمية الاقتصادية. و لقد حصلوا على اهتمام ايجابي من الخارج من خلال تركيز مقاتليهم على دحر داعش , التزامهم بحقوق المرأة , منع تعدد الزوجات و نشرهن على خطوط المواجهة  مع داعش و الاستفادة من الاعتقاد الشائع بين الجهاديين بأن القتل على أيدي امرأة كردية هي تذكرة مباشرة إلى جهنم .
الولايات المتحدة و حلفائها الغربيين كانوا منذ زمن طويل معارضين استقلال كوردستان, ذلك لأنهم دائما كانوا ينظرون إلى المسألة الكوردية بأعين الدول التي يعيش فيها الأكراد. في تركية بشكل خاص , حاولت الحكومة التركية لعقود صهر الكورد, انكار وجودهم و وجود مجموعة عرقية مختلفة عن الأتراك لها لغتها الخاصة بها. تركية تخشى منذ فترة طويلة من أن أي مكاسب للأكراد في البلدان الأخرى سوف يعزز المطالب الكوردية في الداخل التركي..
الاشتباكات بين قوى الأمن التركية و الأكراد وخشية تركية اليوم يشكل موضع تساؤل ,لأن أكراد تركية ليسوا بحاجة إلى التشجيع الخارجي. أكراد تركية منظمون تنظيما جيدا و قد استطاعوا ايصال العديد من النواب إلى البرلمان التركي في الانتخابات  على الرغم من الدعاوى القضائية الجارية ضد العديد من النواب ومنع الأحزاب الكوردية المتعددة و إغلاق مكاتبها على مر السنين.

ثلاثون عاما من القتال الذي قاده حزب العمال الكوردستاني ضد الدولة التركية ساهم في تعزيز الشعور بالهوية القومية لدى العديد من أكراد تركية, لكنهم لا يزالون يشعرون بأنهم  ليسوا في وضع يمكنهم من السيطرة على مناطقهم بشكل تام,  ولذلك فإن مطلبهم الرئيسي هو الحكم الذاتي.


الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدث عن اصلاحات واسعة للأكراد في عام 2013 و أعلن عن بدء المفاوضات مع زعيم حزب العمال الكوردستاني السجين عبدالله أوجلان. الهدنة التي كانت نتيجة تلك المفاوضات قوضت في يوليو عام 2015..
مثلما  العالم بحاجة إلى القبول بوجود كوردستانات متعددة كل له حكمه الذاتي المستقل عن الآخر , كذلك على الأكراد أنفسهم القبول بذلك, الفكرة السياسية المشتركة لدى عموم الأكراد لعقود هي أنهم بحاجة إلى كوردستان واحدة موحدة تضم كورد أجزاءها من سورية ,تركية, العراق و إيران. على الكورد القبول بسلسلة من كوردستان , إنهم بحاجة إلى التوقف عن التدخل في شؤون بعضهم البعض السياسية, ذلك سوف يساهم في التخفيض من حدة التوتر بين الأحزاب الكوردية, سوف يساهم ذلك أيضاً إلى ان التقليل من درجة الحذر الدولي من القومية الكردية فيما إذا الأكراد أنفسهم قبلوا بمبدأ أن لاسبيل أبداً إلى دولة كوردية موحدة. 
قبل بضع سنوات، كان هناك بعض الأمل في أن يتمكن الأكراد من تشكيل هيئة عمل من خلال عقد مؤتمر وطني كوردي. وكان من المفترض أن يعقد مسعود البارزاني هذا الاجتماع لأنه كان الزعيم الكوردي الشرعي الوحيد في مكتبه في ذلك الحين. المؤتمر الوطني الكوردي عام 2013  لم يعقد أبداً, بسبب الخلافات بين البارزاني وحزب العمال الكردستاني حول من سيترأس المؤتمر وعدد المقاعد التي سوف يحصل عليه كل حزب.
الأحزاب الكوردية في كل من العراق , تركية, سورية جميعهم يرفضون التوقف عن التدخل في شؤون بعضهم البعض. بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق سعى إلى ممارسة نفوذه في روجآفا. طالب بأن يُدخِلَ  حلفاءه من الكورد السوريين ميليشياتهم العسكرية بصورة مستقلة عن قوات حماية الشعب. قوات الحماية رفضت ذلك مُدّعين بأن تواجد قوتين عسكريتين مختلفتين سوف يؤدي إلى نشوب حرب أهلية, هذا الأمر من المفروض أن يعرفه البارزاني جيداً من خلال الاقتتال الذي حصل بين حزبه الديمقراطي الكوردستاني و منافسيه في حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني مابين العام 1994 و حتى 1998.
قوات حماية الشعب و العمال الكوردستاني يفعلون الشيء نفسه من خلال إصرارهما على وجوب السماح لهما بنشر قواتهما في كوردستان العراق. قواتهم قد ساعدت في إنقاذ الإيزيدين في أغسطس 2014 خلال اعتداءات داعش على منطقة سنجار.
قوات حماية الشعب و العمال الكوردستاني عادوا للتدخل  في نوفمبر 2015 ضد رغبة حكومة الاقليم, عندما قاد البارزاني قوات كوردية عراقية بمؤازرة الولايات المتحدة و استعاد السيطرة على سنجار بنجاح. تَدَخْلُ حزب العمال كان مهماً, لكن إدارة  البارزاني طالب ببسط سلطته السياسية رافضاً مطالب قوات حماية الشعب و حزب العمال الكوردستاني بهيئة حكم خاصة  بالإيزديين.
بالنسبة لإيران في الوقت الحاضر لا تبدو هناك فرصة لحكم ذاتي أو استقلال  حيث يعيش هناك سبعة ملايين كردي.
جمهورية إيران الاسلامية تقمع الناشطين و تنفذ أحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين الكورد. حزب الحياة الحرة , البيجاك هو أيضاً فرع من العمال الكوردستاني ,يقاتل القوات الإيرانية بين الحين و الآخر. عرض حزب العمال الكوردستاني نيابة عن بيجاك وقفاً لإطلاق النار 2011
لكن الحكومة الايرانية رفضت ذلك. من حينها انضم العديد من الأكراد الإيرانيين إلى القتال ضد داعش, في كل من العراق أو سورية على حد سواء,مثلما أحد المقاتلين من الكورد الايرانيين في كوباني التابع  لكورستان سورية قال ل: ب.ب.سي لقد حررنا كوباني و سنتفرغ لإيران فالدور المقبل لها.
من خلال المعاملة التي عومل بها الكورد في الدول التي عاشوا فيها فلا غرابة في مطالبتهم بحقهم في حكم أنفسهم بأنفسهم و استعدادهم للقتال من أجل ذلك. لقد حان الوقت أن يهبّ المجتمع الدولي لنصرة الكورد و مساعدتهم في بناء مؤسسات ديمقراطية مستقرة, بدل الانحياز إلى جانب من يريد أن يحكم الكورد.
كتب المقال كل من:
أليزا ماركوس مؤلفة كتاب الدم و الإيمان: حزب العمال الكوردستاني و كفاح الكورد من أجل الاستقلال.
أندريو ابوستولو خبير بشؤون كوردستان , من واشنطن .
ترجمة: فرمز حسين
عن صحيفة ديلي بيست الأمريكية
2015-11-27
Top of Form
Bottom of Form



حرب على الإرهاب أم ردود أفعال ليس إلا؟ – فرمز حسين

حرب على الإرهاب أم ردود أفعال ليس إلا؟ – فرمز حسين

_93
التعامل الدولي مع الأحداث التي جاءت مترافقة مع مرحلة ما سمي بالربيع العربي أظهر الكثير من المفارقات في مواقفها وفرضت رسم اشارات الاستفهام حول حقيقة نوايا القوى الدولية تجاه التغيرات البنيوية التي قد تطرأ على النظم السياسية المستبدة والسائدة في العالم الثالث.
محاولة القضاء على الارهاب وتنظيماته المختلفة التي تقوم بأعمال العنف المسلح لن تنجح على المدى البعيد دون وجود استراتيجية بعيدة النظر تكون أهدافها هو القضاء على عوامل تكوّن الفكر المتطرف، أسباب ازدياد فرص التعبئة وسد الثغرات التي تمهد لنشوء البيئة الصالحة التي تعمل بدورها على نمو بذرة التطرف في البلدان ذي النظم الاستبدادية، فيما في الجانب الآخر الغرب المصدر للسلاح والمستورد للمهاجرين واللاجئين وفشله في سياسة الصهر والاندماج.
عندما تقوم الولايات المتحدة بعملية عسكرية من خلال طائرة بدون طيار لتصفية محمد إموازي الذي نَحَرَ العديد من الرهائن الغربيين بينهم أميركيين، عندما تكشف روسيا عن جريمة وراء تحطم طائرتها فوق شرم الشيخ وتعلن عن مكافأة قيمتها خمسين مليون دولار لمن يقدم معلومات عن الجناة على الرغم من اعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن الحادث وفي الوقت نفسه تقصف طائراتها الحربية المواقع التي يريد النظام السوري التخلص منها والتي في أغلبها تابعة للجيش الحر، حين يسارع الرئيس الفرنسي أولاند إلى مضاعفة هجماته الجوية على معاقل التنظيم في سوريا وملاحقتهم في أوروبا بعد الهجمات الارهابية على باريس فإن كل هذه الاجراءات توحي للمتابع بأن الأمر ليس سوى ردود أفعال لا تتعدى مستوى الانتقامات ضد جناة محددين، تنتهي بالتخلص من هؤلاء ولا ترتقي إلى مستوى الطموحات بالقضاء على الارهاب فكرا وعقيدة تنظمه جماعات تتماهى تحت أسماء لحركات مختلفة لكنهم يعتنقون مبدأ التطرف نفسه ويتزايدون عددا وعدة مستفيدين من انتشار الظلم وغياب العدالة الاجتماعية وفرض شريعة القوي على الضعيف من خلال دعم الدول الكبرى للنظم الديكتاتورية في العالمين العربي والاسلامي.
ليس بخاف على أحد بأن تنظيم القاعدة الذي كان موجودا بفترة طويلة قبل مرحلة الربيع العربي لم يتم القضاء عليه من خلال الغزو الأميركي على أفغانستان ولا على العراق على الرغم من أن الغزو على العراق في حد ذاته لم يكن خطأً كونه أفضى إلى التخلص من ديكتاتورية صدام، بل الخطأ الجسيم كان في تحطيم البنية التحية للدولة العراقية، تسريح أكثر من أربعمائة ألف ضابط وصف ضابط في الجيش العراقي وتحويلهم إلى مسلحين، عاطلين عن العمل، ممارسات جنود الاحتلال لأسوأ انواع المعاملة بحق السجناء في أبو غريب وغيرها من السجون العراقية، كانت أهم العوامل التي أدت إلى سقوط الأميركيين في الوحل العراقي.
الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها ادارة بوش في العراق تشكل حتى يومنا هذا إحدى أهم العوامل وراء تفاقم دور التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش الذي تأسس في العراق وامتد فيما بعد ذلك إلى سوريا مستفيدا من الفلتان الأمني فيها من ناحية ومن تجاهل النظام لانتشاره من خلال تركيزه على ضرب القوى المعارضة المعتدلة أو الأقل تطرفا من ناحية أخرى.
العالم يواجه اليوم أكبر تحدٍ له في مواجهة التطرف والإرهاب والقرارات الدولية الحالية التي تُتَخَذْ لمعالجة المشاكل التي تواجهها شعوب المشرق الاسلامي هي التي سوف تحدد مسار ومصير التنظيمات الارهابية.
المتابع للأحداث يرى أيضاً وبكل وضوح مدى الارتباك والتخبط الذي أصاب العالم في مواجهة الارهاب، طريقة مكافحته وعلى وجه الخصوص بعد التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا وكل الخشية هو في أن يفرض بوتين أجنداته ويحصل بالتالي توافق روسي غربي على أساس العودة إلى سياسة دعم الأنظمة الشمولية، نظام الأسد نموذجا، كي يتمكنوا من خلالهم تسيير الأمور بالوكالة، حيث أن أمنهم القومي هو أهم ما لديهم، متناسين أن العالم قد أصبح شفافا اليوم أكثر من أي وقت مضى ولن يعود عقوداً إلى الخلف وأن الضمان الوحيد للدول الكبرى التي تدّعي الديمقراطية وتعمل على المحافظة عليها من الارهاب والتطرف لن يكون إلا من خلال العمل على نشر مبادئ الديمقراطية ودعم الشعوب الثائرة في معركتهم ضد الطغاة.
نظم الاستبداد يجب أن تُحَارَب في كل مكان فمن حق شعوب العالم الثالث أن ينعم بنفس القدر من العدالة الاجتماعية ويتمتع بالفسحة ذاتها من الحرية حتى تستطيع شعوب دول العالم المتقدم الاحساس بالأمن والنعيم في بلدانهم وبذلك يتوقف صناعة البؤس، اللجوء وتصدير الأزمات. الحرب على الإرهاب لن تنتهي دون القضاء على أسباب نشوئها، نموها وتكاثرها.
فرمز حسين
مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم

السوريون هم من سيدفعون ثمن إسقاط المقاتلة الروسية


م السوريون هم من سيدفعون ثمن إسقاط المقاتلة الروسية
 
الخميس 26 تشرين الثاني 2015

فرمز حسين

جاءت عملية اسقاط المقاتلة الروسية من قبل الأتراك في الأجواء الحدودية بينهم و بين سورية لتُصَعّد من العلاقة المتوترة في الأساس بين البلدين لدرجة وصف بوتين ما حدث (بطعنة في الظهر من طرف من يدعم الإرهابيين).
لكن بوتين ليس الوحيد الذي اتهم تركية بالتعاون مع الارهابيين, حكومة أردوغان كانت و لا تزال صاحبة مواقف مغايرة لحلفائها منذ صعود نجم الحركات الاسلامية المتشددة بعد عسكرة الثورة السورية وكانت تواجه انتقادات شتى من حلفاءها قبل خصومها, تارة بأنها لا تساهم بالدرجة الكافية في مجال مكافحة الإرهاب وتارة أخرى بأنها تعالج جرحى تنظيم داعش و تُسَهِّل عملية تنقل عناصره عبر حدودها إلى سورية.


تقول صحيفة الإندبندنت: أن التوصل إلى حل سياسي في سورية, بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية, لعب إيران دوراً رئيساً في الحل في سورية, فشل تركية في إقامة منطقة آمنة , حصول الأكراد على التعاطف الدولي و تشكيل ادارة ذاتية في مناطقهم, كلها حلول لا تتناسب و تطلعات حزب العدالة والتنمية و تشكل  الدوافع الحقيقة وراء إسقاط تركية للطائرة الروسية.
 أردوغان أمسك العصا من المنتصف في محاولة للبقاء على العلاقة الاستراتيجية له مع حلفائه في الناتو ساعياً سعياً حثيثاً إلى استدراجهم للمقايضة,بادياً استعداد بلاده للمساهمة في دحر داعش مقابل اطلاق يده في المناطق الكردية في سورية و إجهاض أي تقدم قد يحرزه حزب الاتحاد الديمقراطي, الفرع السوري للعمال الكردستاني الذي تعتبره تركية أخطر على أمنها القومي من داعش و أخواتها, لاسيما أن المقاومة الكردية في كوباني أوصلت نشوة النصر إلى الداخل التركي (الكردي), ساهمت إلى حد كبير في مضاعفة التصويت لصالح  حزب الشعوب الديمقراطية الموالي أيضا للعمال الكردستاني و دخوله البرلمان لأول مرة في تاريخ تركية الحديث و بقية القصة معروفة, كيف أن أردوغان عَمَدَ إلِى إعادة الانتخابات البرلمانية بعد أن أمر بعمليات قصف عدوانية ضد مواقع الكردستاني لكسب أصوات القوميين الأتراك والحصول بالتالي على أغلبية برلمانية من جديد.
روسية بدورها لها دوافعها حيث كانت تعاني عزلة سياسية و عقوبات غربية جراء تدخلها العسكري في أوكرانيا, حاولت  كسر الجليد من حولها من خلال الاستمرار في سياسة تحدي الغرب و دعم الأسد لتأمين بقاءها في المياه الدافئة مستفيدة من تردد أميركا التي فقدت الكثير من دورها الريادي في السياسة العالمية عموما وفي المشرق العربي و الاسلامي على وجه الخصوص, هذا بالإضافة إلى خشية موسكو الفعلية من تعاظم دور التيارات الاسلامية, السنية على وجه التحديد, أبعاد مثل هذا التعاظم عليها و تأثيرها في الداخل الروسي. 
تضارب المصالح بين كل من روسية و تركية بات واضحاً يوماً بعد الآخر حتى تكللت بإسقاط المقاتلة الروسية  وبدأت الأشياء تسمى بمسمياتها الحقيقية بعيداً عن لغة الدبلوماسية و الابتسامات الاستعراضية. روسية قصفت مواقع لا حصر لها للمعارضة السورية الموالية لتركية, ثم جاء دور تركية مستفيدة من العربدة الروسية فوق أجواء المنطقة لتلفت أنظار العالم و بدرجة أكبر لتقول لكل من روسية و إيران أن دورها كقوة اقليمية عظمى لا يمكن تجاهله.
على الرغم من كل ما ذكر و خلافا لكل التكهنات فإن المحظور لن يقع و لن يكون هناك اشتباك عسكري مباشر بين الدولتين. روسية على عكس ما تريد أن تُظهر للعالم فإنها أضعف من أن تواجه دولة بحجم  تركية عضوة في حلف الناتو, و هي تعاني الأمرّين من الضغوط الدولية التي تؤثر بشكل كبير عليها من الناحية الاقتصادية ما يجعلها تلهث للتحالف مع دولة مثل إيران لا يجمعهما سوى الإفلاس السياسي والأخلاقي. بوتين لن يقوم بعمل عسكري مباشر ضد أهداف عسكرية تركية, لكن المصيبة هي أنه لن يقف أيضاً مكتوف الأيدي بل سوف يجيب على إسقاط طائرته بالمزيد من الدعم للنظام في دمشق و بمضاعفة قصف المناطق السورية القريبة من تركية والقوى المعارضة المقربة منها. بقي أمراً على قدر كبير من الخطورة و الذي أتمنى أن أكون مخطأً في حدسي ألا و هو أن تقوم موسكو باستدراج حزب العمال الكردستاني ,دعمهم بالسلاح للقتال نيابة عنه. 
 السوريون بمختلف انتماءاتهم سوف يدفعون ثمن رعونة بوتين و مطامع أردوغان بالمزيد من القتل, التهجير, الدمار و أهم من ذلك كله هو إطالة أمد الأزمة, بقاء الأسد وداعش ليُمعِنوا أكثر فأكثر في قتل الأبرياء وسفك الدماء.
 
فرمز حسين
ستوكهولم
2015-11-26

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

الهجانة





الهَجَّانَة

قصة قصيرة

القَذًائِفْ كَانَتْ تَنْهَمِرُ بِغَزَارَةٍ مِنْ جِهَةِ الجَنوبْ فَمَا كَانَ أَمَامَ أَهْلِّ الحَيِّ إِلّا أَنْ يِتّجِهُوا دُفْعَةً واحِدَةً  شَمَالاً, هَائِمينَ عَلى وجوهِهمْ في القِفارِ بَعْدَ أَنْ تَحوّلَتْ مُعْظَمَ أَحْياءِ مَدِينَتِهِمْ إِلى رُكامْ , عائلةْ الجيرانْ التي أَخَذَتْ على عاتقِها التَكَفُلَ بِهِ على الرَغمِ مِنْ أَعباءِهمْ الثِقيلة انضمَّتْ إِلى قَوافِلِ الناسِ الهارِبَةِ مِنْ جَحيمِ المَدينةْ.
 هُناكَ في المنطقةِ الشِبْهِ سَهْلية المُتاخمةِ للحُدودْ تَاهَتْ بِهمُ السُبُلُ وانْقَطَعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابْ, حينَ ظَهَرَ مِنْ خَلْفِ إِحْدَى التِلالِ قَطيعٌ مِنَ الكائناتِ عَلى هَيئَةِ ذِئَابٍ سوداءٍ شَرِسَةٍ,  تَلاهُ  قَطيعٌ آخرٌ توأمْ خَرَجَ مِنْ جَوفِ الوادي السَحيقْ  , ثُمَّ ازْدادتْ قطْعان الذِئَابِ السَوْدَاءِ في الظُهور تِبَاعَاً.....
 دَبَّ الرُعْبُ في نُفوسِهم ْ ..
.كانوا قَدْ سَمِعوا عَنْ شَراهَةِ تِلكَ الوحُوشِ للدِماءْ فَلاذَ الجَميعُ بالفِرارِ في اتِجْاهَاتٍ شَتّى , خِشْيَةً مِنَ الوقُوعِ فِي بَراثِنِهمْ .
  هُوَ بَقيَّ في مَكانِهِ ثابِتاً دونَ حِراكْ رَغْمَ نِداءَاتِ الجيرانِ  و مُحاوَلَتِهمْ جَرّهِ مَعَهُمْ. غَصّةً خانقةً كانَتْ في حَلْقِهِ ,فهو في قَرارةِ نَفسهِ كان َيَحُسُّ بالخزيِّ وَ العارْ لأَنَّهُ لا يَزَالُ عَلى قَيدِ الحياةِ و لَمْ يُرافِقْ والِدَهُ في رِحْلَةِ مَوتِهِ, حَيثُ انتَشَلَهُ المُسْعِفونُ مِنْ تَحتِ جَسدهِ الذي كَانَ مُهَشَّماً تَحْتَ الأَنقاضْ , مِن ْيَومِها لا تَكادُ تَمْرُّ عَليِهِ  ثَانيةٌ وَاحِدة ٌ دُونَ أَنْ يَتَلظّى بِنَارِ الشُعُورِ بالذَنْبْ ,كأنَّهُ هُو المَسْؤُولُ عَن ْمَوتِهِ وَ لَيْسَ مَنْ أَمرَ بِهَجَماتِ البَرامِيلِ المُتَفَجِرَة ِعَلى حيَّهمْ الشَعْبيِّ  في تِلكَ الأُمسيةِ الكَئيبةِ مِنْ عُمرِ المَدينةِ القَابِعَةِ في اللَهيبِ مُنذُ أَعْوامْ .    
أَلْقَى بِنَظَرَاتٍ سَريعَةٍ في شَتَّىَ الاتِّجاهاتْ ,شَعَرَ بِأَنَّ مَساحاتْ الأَرْضِ المُتَرَاميةِ الأَطْرَافِ عَلى اخْتِلافِ تَضَاريسِهَا لا تُريدُ احْتواءَ جَسَدِهِ الهَزيلْ .... تَساءَلَ في قَرَارَةِ نَفْسِهِ:
لِمَاذَا الهُروبُ إِذاً وإِلى أَينْ؟

نَظَرَ بصَمْتٍ إِلى الفَضَاءِ الفَسيحْ , تَضَرَّعَ لِخَالِقِهِ بِصَوتٍ خَافِتْ... فَتَحَ ذِرَاعَيهْ مُتَلَعْثِمَاً بِكَلِمَاتِ ابْتِهالٍ مُبْهمَة , قَبْلَ أَنْ يَحْسَّ بِأَنَّهُ بَدَأَ يَفْقِدُ وَزْنَهُ تَمَاماً و تَرْتَفِعُ أَقْدَامُهُ عَنِ الأَرْضِ , يَصْعَدُ مُحَلِّقاً في السَمَاءِ بَعيداً بَينَ الغُيومْ. لأَوَلِ مَرَّةٍ  يَنْتابُهُ هَذا الشُعُورُ الغَرِيبْ, إِنَّهُ يَرْكبُ الريحْ ....يُغادِرُ الأَرْضَ و سُكانَهَا في طَريقهِ إلِى حَيَاةٍ أُخْرَى.
 يَرتَفِعْ ...
 يَرْتَفِعُ عَالياً...
يَمْضِي دُونَ أَنْ يُكلِّفَ نَفْسَهُ عناءَ الاِلتِفاتِ إِلى الوَرَاءْ ....
هُناكَ في نِهايةِ السَمَاءِ سَوفَ يَلْتَقي مَعَ مَنْ يَعْرُفُ ما يَجْري  في السَمَواتِ و الأَرْضِ, مَنْ يَسْتَطيعُ رَأْبَ تَصَدُعَات وجْدَانِهْ دُونَ مُقَابِلْ...أَخِيراً...
 هنُاكَ في نِهَايةِ السَمَاءِ سَوفَ يَهْتَدي إِلى مَكَانِ تَواجِدِ أَبيهِ بَعْدَ أَنْ نَجَحَ في دَفْعِ عَقاَرِبِ السَاعَةِ و اقْتَحَمَ الحاضِرَ ليَلتَفَّ مِنْ خِلالِهِ عَلى المَاضِي ويَسْتَحْضِرَهُ , سَوْفَ يَجْتَمِعُ بِهِ وَ لَنْ يَدَعَهُ يَرحَلَ وَحِيداً أَبَدَاً.... أَبَدَاً هَذِه ِالمَرَّة.
 أَطيافُ أَنوارٍ إِلَهيةٍ ,مُتَنَاسِقَةٍ,جَميلة مَلأَتْ الآفَاقْ, اقْتَرَبَ حَتَى لامَسَ بِجَسَدِه ِأَطْرافَ ثَوبٍ نَقْيٍّ ناصِعِ البَياضْ , رَفَعَ رَأسَهُ عَالياً ثُمَّ امْتَطَى غَيْمَةً كَثيفَةً بِخِفَة... حَاوَلَ الصُعودَ بِهَا لِيَقْتَرِبَ أَكْثَرْ, ليَتَأَكَدَ بِأَنَّهُ بَاتَ مَرْئِيَّاً....فَقَدْ شَعَرَ بِضَآلةِ حِجْمِهِ و عَظَمَةِ الإِلَهْ... تَوَقَفَ بِخُشوعْ , إنَّهُ في وَاحَةِ الرّحْمَنْ  ,أَغْمَضَ عَينيهِ الإثْنَتَينْ فَأَصابَهُ ذُهُولٌ عَظيمٌ لأَنَّهُ ظَلَّ يَرَى كُلَّ ما حَولَهُ, أَحَسَّ بالدفءِ و الطُمأنينة. كُلُّ شيءٍ كانِ هادئً, صاِمتاً و نَسيمٌ طَيِّبٌ مُحَمَّلُ بالنَدَى لامَسَ خَدَّيْهِ بِرِفِقْ . كَانَ يَحْمِلُ في صَدرِهِ فَيْضَاً مُتَرَاكِمَاً مِنَ الشُجونِ  باِنْتِظارِ مِثْلِ هَذَا اليَومْ ليَبُوحَ بِهِ , لَكنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَفْغَرَ فَاهُ تَذَكَّرَ بِأَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ و تَعالَى لابُدَّ أَنْ يَكُونَ  عَلَى مَعْرِفَةٍ كامِلةٍ بِكُلِّ ما يَجُولُ في خاطِرِه ِوما يَنْوي الإفشاءَ بِهِ .غَمَرَتْهُ في تِلْكَ اللحْظَةِ سَعادَةٌ لا حُدُودَ لَهَا , الحُلْمْ المُرْتَقَبْ في اليَقْظَةِ و الَمنامِ عَلى وشَكِ أَنْ يَصْبَحَ وَاقِعاً.
 كُلُّ شَيءٍ كَانَ يَسيرُ كَما يَبْتغَي أَوْ هَكَذَا تَهَيَّأَ لَهُ ,لَكِنَّ مَارِداً ضَخْمَاً ظَهَرَ مِنَ الْعَدَمِ في تِلكَ السَمَواتْ,جَرَّهُ مِنْ قَدَمَيْه ثُمَّ دَفَعَ بِهِ نَحْوَ الأّسْفَلْ.... وَمَضَاتٌ سَريعَةٌ وَ يَرْتَطِمُ جَسَدَهُ بالأّرْضِ الصَلْبَة ... يَفْتَح ُعَينَيه.... يَرَى المَارِدَ وَ هُوَ يَحْمِلُ في يَمينهِ سَيفاً مَعْقوفَاً عَلى شَكْلِ هِلالْ ,  حَولَ عُنُقِهِ صَليباً طَويلاً  وَ عَلى رَأسِهِ خُوذَةً مَعْدَنيَةً مَصْقولَةً في أَعْلاهَا نَجمَة ًبِستَةِ رُؤُوسٍ مُدَبَبَة , تتوسطها نَقْشَةُ كَلِمَةِ (الهَجَّانَة).
يَقْتَرِبُ شُرْطِّيِّ الحُدودِ الضَخْمِ الجُثَّةِ وَ هُو يَصْرخُ بِأَعْلَى صَوتِهِ : لَنْ تَمْتَثِلَ أَمَامَ الإِلَهْ بِدُونِ سِمَةِ دُخُولْ ؟
الشُعُورُ بارْتِطامِ جَسَدِهِ بِالأَرْض أَعَادَ إِليهِ رُشْدَهْ , رَمقَ المَسافاتَ المُحيطَةَ بِنَظَراتٍ مُتْعَبَةٍ فِيمَا الذِئَابُ السَوداءْ كَانَتْ قَدْ حَاصَرتْ المَكانَ تَماماً عَلى بُعُدِ خَطَواتٍ قَلِيلَةٍ مِنْهُ.

فرمز حسين
ستوكهولم
2015-11-13

Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein





في انتظار حاكم البيت الأبيض الجديد



في انتظار حاكم البيت الأبيض الجديد


ستة أشهر لتشكيل حكومة انتقالية و ثمانية عشر شهراً لإجراء انتخابات مع تغيير للدستور هذه هي التوصيات التي تمخضت عنها اجتماعات وزراء خارجية الدول المعنية بالشأن السوري في فيينا مؤخراً.
لكن التطبيق على أرض الواقع  يختلف كثيرا  عن التصريحات التي لا تقدم من الأمر شيئا بل على العكس فإنها تزيد من عمر الصراع و تعطي آمالاً زائفة حول إمكانية بناء جسر حقيقي يعبر من خلاله السوريون إلى بر الأمان . الخلاف كان واضحاً بين كل من لافروف و كيري في مؤتمرهم الصحافي الذي ضَمّ أيضا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية  دي ميستورا ,ما يعني( دق المي.. و هي مي) . الموقف الروسي و الإيراني لا يزال على حاله إن لم يكن أشد إصراراً من ذي قبل حول مسألة بقاء الأسد في السلطة, وانفصام الوزير الروسي عن الواقع كان جلياً من خلال دفاعه عن الأسد في مواجهة نظيره الأمريكي حيث ادَّعى :بأن تنظيم داعش كان موجودا منذ عشر سنوات و الأسد ليس له يد في نموه و تعاظم شأنه, متناسياً أن داعش قد تأسس من بقايا ضباط نظام صدام حسين في الفلوجة و أن النظام السوري كان أول الداعمين لهم إبان سقوط العراق ليس محبة بهم بل لكي يتورط الأمريكيون في مستنقع العراق , بذلك يحمي نظامه من أن يواجه المصير نفسه  الذي واجهه صدام حسين.  كما أن ادعاءات كل من روسية وإيران بأن الشعب السوري هو من عليه أن يقرر مصير الأسد هي ليست سوى عملية ضحك على الذقون فمثلما لم يكن للسوريين دور في  حوارات فيينا ,لم و لن يكون لهم دور أو رأي في ظل حكم آل الأسد الشمولي . كل الدلائل تشير إلى إفتقاد الإرادة الدولية للقيام بعمل حاسم ينهي معاناة السوريين. استمرار التعنت الروسي و الإيراني مقابل استمرار كل من تركية و السعودية بدعم الفصائل المسلحة فإن القتال سوف يستمر بالوتيرة نفسها إن لم يكن أشدُّ وطأة.
 بعد ذلك بيوم واحد في اجتماع قمة العشرين الاقتصادية في أنطاليا التركية, تم التركيز بشكل عام و في لقاءات هامشية ثنائية على ضرورة توحيد الجهود لمحاربة تنظيم داعش الارهابي مع غياب تام لرسم أية استراتيجية حقيقية للقضاء على عوامل نشوء الإرهاب وأسباب و جوده و نموه.
للأسف لا مناص من انتظار قوة تدخل خارجية مُجدية , فَعَّالة للانتصار على الاستبداد و السبب الرئيسي في ذلك هو اعتماد  نظام الأسد نفسه على قوة دولية كبرى مثل روسيا و أخرى إقليمية مثل إيران للبقاء في السلطة و بما أن  الرئيس الأمريكي الحالي  انتهج منذ توليه السلطة سياسة النأي بالنفس في سبيل إبعاد المجتمع الأمريكي من مخاطر اصطدامات جديدة مع الحركات الاسلامية المتطرفةدن و لأن القوى الغربية الأخرى اعتادت أن تنتظر مبادرة الأمريكيين دون يكونوا هم أصحابها فليس على السوريين سوى الانتظار عاماً آخر و قدوم رئيس أمريكي جديد , لا فرق حقاً إن كان من الجمهوريين أو الديمقراطيين ففي أسوأ الأحوال لن يأتي  رئيساً أضعف من الحالي ,حتى وزيرة خارجيته السابقة هيلاري كيلنتون و المرشحة لرئاسة البيت الأبيض .لم تكن متوافقة مع سياسته السلبية حيال الأزمة السورية.
فرنسة كانت الدولة صاحبة المواقف المتميزة عن غيرها من الدول الأوروبية من حيث إصرارها على ضرورة تنحي الأسد لتثبيت دعائم السلام في سورية , القضاء على الحركات الإرهابية و ربما هذا ما يفسر سبب الهجمات الإرهابية الموجهةِ ضدها و التي كانت ضحاياها مواطنين مدنيين أبرياء , في الوقت نفسه فإن هجمات باريس تعكس أيضا سلبية تعاطي الغرب مع الأحداث في المشرق, أكبر مثال على ذلك هو ترك الحبل على الغارب في سورية و العراق.
نستخلص مما سبق ذكره حول السياسات الرخوة لكل من أميركا و الغرب  حيال الملف السوري بأن روسية سوف يكون لها اليد الطولى في إدارة الأزمة وهي التي تريد بقاء الأسد في كل الحكم أو جزء منه و أفضل التوقعات سيكون حلاً على الطريقة اليمنية (حلاً) أدخل اليمن في دوامة من الصراع الدموي, حيث مكافأة المجرم علي الصالح , معالجة حروقه و مَنحهِ ضمانات الحَصانة,جعلته يتمادى من خلال استمراره في القتال مندفعاً برغبة الإنتقام و شهوة العودة للسلطة .
السوريون عليهم الانتظار عاماً آخر و حاكماً جديداً في البيت الأبيض .





فرمز حسين
ستوكهولم
2015-11-17
Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein