الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

فاتي قصة قصيرة



فاتي

قصة قصيرة
فرمز حسين
غيوم خريفية منخفضة ملأت فضاء القرية الشبه مهجورة شحوبا... 
 زوابع ترابية متلاحقة دارت من جنوبها والتفت حول بيوتاتها الطينية في حركة حلزونية بدأت بطيئة....
 تسارعت شيئا فشيئا..
 شرقا ..ثم غربا ..
في اتجاهات متعاكسة..
قبل أن تتحد في زوبعة غليظة دارت حول نفسها برهة كأنها تتأهب لانطلاقة قوية ثم اتجهت شمالا  حاملة معها بقايا وريقات شجر الخريف الصفراء الهشة التي كانت متناثرة في الأزقة الضيقة.. خلف الجدران الطينية المتآكلة بالإضافة الى كل ما خفّ حمله....
هناك في القسم الشمالي من القرية تراكمت حول شواهد ثلاثة أضرحة ربما لأن تلك الأضرحة كانت حديثة العهد ...
أتربتها كانت ما تزال رطبة..
 ندية ..
لم تجف بعد حيث علقت وريقات الشجر حولهم مضيفا بذلك تميّزا واضحا عن بقية الأضرحة!

هناك في باحة الدار الترابية افترشت فاتي الأرض متكورة على نفسها.. شبه ملتصقة بأديمها و تراب ناعم يكاد يخفي جسدها الهزيل تماما ..من شعرها المبعثر حتى أخمص قدميها المثخنتان بالجراح, من أثر الأشواك ..شظايا الزجاج ..قطع الحجارة الحادة . كانت قد هامت على وجهها حافية القدمين في التخوم القريبة  قبل أن تتمكن مجموعة من النسوة اعادتها. انسجامها الشديد مع محيطها جعلت منها جزء طبيعي من محتويات فسحة الدار الواسعة و لولا ايماءات قليلة تصدر عنها بين الفينة والأخرى لاستحال رؤيتها و تمييزها عن الأرض الا مع دنو شديد من مكان جلوسها, عيناها كانتا مفتوحتان دون طرفة واحدة تحدقان في فراغ باهت بنظرات مستقيمة ثابتة دون أن تتأثر سلبا أو ايجابا بما يجري من حولها وكأنهما مصنوعتان من زجاج.
 لقد مضى ما يزيد عن الشهر وهي على هذه الحالة , قالها امام الجامع العجوز أحد الرجال القلائل الباقون في القرية ثم غمغم
 ( لا ح...ل ولا ق...ة ..لا بالله , لا ول و..لا ...وة ا بالله) .

فاتي هو اسم التصغير المشتق من فاطمة.. اسمها الأصلي..
كانت من الحسناوات التي استقبلت على نغمات البزق والإيقاع المدوي ..
 تحطمت أعداد لا حصر لها من الجرار الفخارية ..المليئة بالحلوى تحت قدميها ..
تناثرت سكاكرها في جميع أطراف المكان ....
 هبّ الصغار لالتقاطها...
ارتفعت أصوات الزغاريد ...
 أسمعت القرية المجاورة ..
 كل ذلك أثناء  اقترانها بأحد أبناء القرية .
غمرت من يومها فاتي القرية حسنا وأنوثة وهي في مقتبل شبابها...
مع مرور السنين بقيت جميلة ..
من السيدات الفضليات التي كانت تشعّ نورا..أملا و تفاؤل بشهادة معظم الأهالي.


كانت لرفاتهم أغطية مختلفة..
 الزوج غطاء بثلاثة نجوم !
 البكر العشريني نجمتين !!
أما اخر العنقود ذو الستة عشر ربيعا كان مغطى بألوان مختلفة و...و.. و بنجمة واحدة ..
 شهداء ..
جميعهم ..
قالوها..

اختلطت عليها الأمور..
 بكيت دموعا حتى جفت مقلتاها ..
صرخت بكل ما أوتيت من قوة وهياج حتى فقدت الجزء السفلي من حبالها الصوتية..
 اقتلعت خصلات شعر رأسها حتى خارت قواها...
لطمت على صدرها بعنف جنوني..
هناك في ساحة الدار سقطت  مغمية ... ..
دخلت من يومها في عتمة ...مفتقدة لكل رغبة بالخروج من عالمها المظلم !





24-10-2013
فرمز حسين
مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter.com@farmazhussein





  

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

تدجين المعارضة في جنيف 2


تدجين المعارضة في جنيف 2

 

فرمز حسين

معاناة السوريين تتفاقم داخل الوطن و خارجه والنظام يزداد لامبالاة بأرواحهم ومقدراتهم وتكبر غطرسته و استخفافه  بعقول البشر وكأنه ينتشي رحيق الحياة من خلال سفك دماء مواطنيه وفي أحسن الأحوال , تهجيرهم , تجويعهم اذلال  الصامدين منهم و كسر ارادتهم كما أن نشوته تبلغ ذروتها مع تزايد الحديث عن المجموعات الارهابية , أركان النظام يتمنون في قرارة أنفسهم بأن يرتكب هؤلاء المزيد من الأعمال الوحشية  وأن يعيثوا فسادا في طول البلاد وعرضها كي ينشروا الرعب والترويع كأن بهم  ينتقمون من المواطن العادي ولسان حالهم يقول:  تفضلوا هؤلاء هم ثمرة مناداتكم بالحرية و ما تصريحات المعلم عن حرب النظام المزعومة مع الارهاب و عن نية سيده بعدم التخلي عن السلطة و قبولهم الحوار حصرا مع المعارضة المرخصة لها في جنيف 2 الا أكبر دليل على سير النظام في حلّه الأمني ودليل عقم الاجتماع المزمع عقده في جنيف اذ من الأفضل للنظام الجلوس مع المعارضة المذكورة في مقهى الهافانا أو الروضة في دمشق فلماذا عناء السفر الى جنيف!

 

سلطة الأمر الواقع البعثية نجحت  بنقل الصورة التي تلائمها عن المعارضة السورية ولم توفر وسيلة لتحقيق ذلك والموالون للنظام مازالوا يساهمون بكل امكاناتهم للتشويش على الثورة فهناك من أمطر أعضاء الكونغرس الأمريكي بالرسائل والعشرات منهم حاولوا اللقاء بالمؤثرين على القرار لكي يصوتوا ضد ضربة عسكرية على مواقع النظام وفي المحافل الدولية يرتفع صوت الجعفري والمعلم لإعلان حربهم على الارهاب! وهل هناك تنظيم ارهابي أكثر من القاعدة؟ التي تعدّ العدو رقم واحد لأنظمة الشرق والغرب معا!

قوى المعارضة بدورها لم تنجح بشكل كافي  في نقل حقيقة الصراع الدامي في سورية و نقل آمال وآلام وتطلعات السوريين فيما الجماعات المتشددة تزداد نفوذا بينما المنضوون تحت راية الائتلاف منهمكون بمن سيتبوأ ماذا ؟ في صراع على مناصب وهمية وكراسي لا وجود لها!  ليس هناك من يعتقد بعد مرور ثلاثون شهرا على حرب استنزاف دموية بأن قوى المعارضة الذكية لم تفهم بعد بأن ضلوع الجماعات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة في الثورة السورية أعطت صبغة الارهاب للثورة ما يعني الموت البطيء لكن الأكيد لها ,يبدو أن  ضعف ارتباطهم بأرض الواقع وقلة الحيلة فيما يتعلق بمسألة  التأثير على الداخل حيث حتى الآن لا يوجد للائتلاف ممثلين في سورية على الرغم من وجود مناطق كثيرة غير خاضعة لسيطرة النظام, بل نراهم يصفقون لكل من يحمل السلاح ضد الأسد بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية أو السياسية,هذا باستثناء نبرة خجولة جدا أعلن الائتلاف من خلالها عدم الاعتراف بجبهة النصرة مقابل عدم اعتراف الجبهة المذكورة وصحبها بهم.

 

المعتدلين من قوى المعارضة سياسيين كانوا أم عسكريين  الساعين الى التحرر من نظام الاستبداد والانتقال بسوريا الى بلد مدني,ديمقراطي, تعددي ذو نظام برلماني  حر ,عليهم اعلان تبرئتهم من أية علاقة مع متطرفي جبهة النصرة, دولة العراق والشام وكل تنظيم طائفي لا يبلور تطلعات السوريين. من يعتقد بأن توحيد الصفوف مع هؤلاء يخدم الثورة فهو واهم ومن يدّعي الابتعاد عن خوض معارك وخصومات جانبية وبأن العدو الرئيسي هو النظام فقط فهو أيضا واهم , عدو الثورة هو كل من يساهم في اطالة أمد معاناة , آلام , عذابات السوريين, عدو الثورة كل من يؤلب الرأي العام ضد مصلحة الشعب السوري و يساهم في حجب التعاطف الدولي, اعطاء صورة واضحة عن بديل ديمقراطي لحكم الأسد للداخل والخارج على السواء سوف يساهم الى زعزعة جبروت النظام والإطاحة به.

 

 

الأمر في ظل كل هذه المعطيات لا يحتاج الى الكثير من الذكاء لكي يعرف المرء بأن مؤتمر جنيف 2 لن يفضي الى قرارات من شأنها حل الصراع في سورية لصالح الشعب السوري بل كل الدلائل تشير الى أن روسيا قد نجحت في اقناع الأمريكيين الذين كانوا مترددين في الأساس بأن الرهان على معارضة تهيمن عليها تيارات اسلامية متطرفة خاسر فيما يكمن الربح في التعاون مع روسيا وتحقيق نجاحات سياسية بتفكيك الترسانة الكيماوية السورية من جهة و ضمان تعاون ايران معها لحصر تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية مقابل البقاء على نظام الأسد الى  شعار اخر من جهة أخرى.

روسيا سوف تطالب الدول الداعمة للمعارضة المسلحة بوقف امدادتها العسكرية لهم , بل ربما لن تكتفي بالمطالبة بل قد تمارس ضغوطا عليهم من أجل تنفيذ ذلك.

 الهدف من جنيف 2 هو تدجين المعارضة السورية في حظيرة النظام.

 

 

 

 

 

09-10-2013

فرمز حسين

مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم


Stockholm-sham.blogspot.com

Twitter.com@farmazhussein

 

 

 

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

Inga förväntningar av Geneve II konferensen om Syrien



Inga förväntningar av Geneve II konferensen
om Syrien

Efter över två och ett halvt år av det pågående kriget i Syrien så finns nu inget område i Syrien från Daraa i söder och till Qamishlo och Derik i norr som är inte hårt drabbat av tragedi och elände.
Även det kurdiska området som har varit relativt lugnt har sedan början av sommaren blivit föremål för attacker från  minst två extrema beväpnade gruppar som har terroriserat befolkningen och orsakat massflykt från de flesta kurdiska byar och städer till framförallt irakiska kurdistan där de lever i  tält i förläggningar under omständigheter som inte är bättre än de andra tillflyktsplatser i Turkiet eller Jordanian .
Tyvärr har det passiva agerandet från omvärlden som är baserad på rädslan av de okända krafterna nämligen extrema islamister, bidragit till en frammarsch för de grupperna och stärkt regimens ställning som har begått otaliga massakrer mot syriska civilbefolkningen. Både med tunga traditionella vapen och senare internationellt förbjudna kemiska vapen, där själva vapnen tycks bekymra omvärlden men inte de kriminella som har använt dem och dödat tusentals människor i ghota i utkanten av Damaskus.
Hittils finns det inga indikationer som tyder på någon lösning i närmaste framtiden för konflikten och det omtalade Geneve två konferensen kommer inte heller att leda till några vettiga beslut eftersom Ryssland fortsätter stödja albaath regimen mer än någonsin. Iran som är en del av problemen vill närvara, samtidigt som det så kallade Syriens vänner inte kan ta några avgörande åtgärder utan USA och Obama adminstrationens deltagande. USA som förnärvarande är överlyckligt av det positiva närmandet till Iran och vad gäller samarbetet kring möjlig bromsning av dess kärnvapenprogram.
 Iran kommer med all sannolikhet att acceptera USAs krav på avvecklingen av sitt kärnvapenprogram  i något slags politisk uppgörelse som kan rädda Assadregimen. En uppgörelse som alla inblandade parter kommer att vinna stora politiska poäng på  medan det höga priset betalas av den oskyldiga  syriska befolkningens blod.
Ett internationellt millitär ingripande eller allvarlig hotbild om ett millitärt intervention utanför FNs säkerhetsrådet är det enda sätt att stoppa blodbadet i Syrien.
Allt tyder på att kriget kommer att fortsätta i oförminskad takt i Syrien tillsvidare, kanske till nästa val i USA med förhoppningar om att Republikanerna vinner valet.

Farmaz Hussein
Stockholm 2013-10-01