الجمعة، 19 ديسمبر 2014

من الهيئة الكردية العليا إلى المرجعية




من الهيئة الكردية العليا إلى المرجعية
فرمز حسين
قرابة الأربعة أعوام تكاد تمر من عمر الصراع الدائر على السلطة في سورية التي لم يسلم السوريون بمختلف مكوناتهم من تداعياته السلبية, مخلفاته المأساوية و الكرد السوريون لم يكونوا يوما ما بمنأى عن تأثير هذا الصراع و افرازاته, حيث ساهم استمرار الصراع إلى حد بعيد في توسيع الهوة بين أطرافها السياسية أيضا, التي يمكن حصرهم في محورين أحدهما تابع للبارتي الديمقراطي (البارزانيين) أي المجلس الوطني الكردي و الثاني بمؤسساته المتعددة  لحزب العمال الكردستاني (الآبوجيين) و كثر السجال حول استفراد الطرف الأخير بالسلطة وحول أحقية كل منهما في تسيير دفة الأمور في المناطق الكردية السورية و بالتالي مشروعية ادعائهم تمثيل الشعب الكردي ,آماله وتطلعاته.
 بعد كيل الاتهامات من طرف لآخر اشتغلت قنوات الاتصال حامية بينهما و تمخضت عنها بالتالي الهيئة الكردية العليا التي لم تنجح منذ يوم ولادتها في أربيل بأن تكون مظلة سياسية تغطي  طرفا النزاع فعليا و يخرج من تحتها القرار الكردي التوافقي, مؤخرا وبعد إرهاصات مماثلة لما قبل انشاء الهيئة المذكورة تم في دهوك وأيضا برعاية رئيس اقليم كردستان العراق تأسيس مرجعية كردية سورية.
ليس بخاف على أحد بأن ما يحدث هو عملية صراع على النفوذ في الشارع الكردي بين الفريقين: الآبوجي و البارزاني وأن الشخصيات الحزبية والمستقلة في المرجعية السياسية الوليدة سيكونون بلا حول أو قوة  و قراراتها ستحتاج دائما للرجوع إلى مرجعيتين فعليتين في كل من أربيل و قنديل  ليتم المصادقة عليها وعلى  الأغلب فأن قرار المرجعية الوليدة ان صح تسميتها في الشأن السوري سوف تكون مع القوي الذي يحمل السلاح على الأرض اليوم وهو في هذه الحالة الجانب الآبوجي و لن تكون سوى هيئة صورية تم القبول بها منهم على هذا الأساس و تحت ضغوط قوية بعد الهجمات الإرهابية المركّزة على كوباني ,لكن إذا أراد البارزانيين الحفاظ على نفوذهم على الكرد السوريين فعليهم العمل على الارتقاء بالقوة العسكرية للطرف التابع له أولا و من ثم يمكن للمحورين إن لم تكن أجنداتهما حزبية بحتة المساهمة في دمج القوتين العسكريتين في جيش وطني كردي يقوم على حماية حدود المناطق الكردية فيكتسبون بذلك قوة نوعية هم في أشدّ الحاجة إليه وثقلا يؤهلهم كشركاء أقوياء في بناء الدولة السورية الجديدة  .
كما أسلفنا فان ثلاثة ملايين من الكرد السوريين لازالوا يفتقرون لإستراتيجية واضحة خاصة بهم , ثلاثة ملايين في هذا الجزء من كردستان بالإضافة الى مليون مهجر في شتى أصقاع الأرض لا يملكون استقلالية قرارهم وهناك ثقافة غير مبررة للدونية تجاه أكراد الأجزاء الأخرى وأحزابها مسيطرة على عقلية مختلف القيادات السياسية الناشئة و العتيقة على حد سواء.
 اذا كان الاجماع الكردي هو حاجة ملحة في ظل هذه المرحلة المفصلية التي تمر فيها المنطقة عامة وهو مطلب جماهيري ملحّ وإذا كان المحورين صادقين في نواياهما في توحيد الصف والخطاب الكرديين فليس على القيادتين إلا الجلوس على مائدة المفاوضات المباشرة معا دون استخدام الكورد السوريين تماما مثل أحجار شطرنج حتى بمناصبهم المصطنعة.


فرمز حسين
 ستوكهولم
2014-12-18
Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein