السبت، 16 فبراير 2019

الكلب الضال


الكلب الضال

يلمار سودربيرغ
ترجمة: فرمز حسين
مات رجل و بعد موته، لم يعتن أحد بكلبه الأسود . الكلب حزن طويلاً و بمرارة. لكنه لم يدفن نفسه مع سيده في قبره، ربما لأنه لم يكن يعرف مكان القبر، ولربما أنه في الأساس كان لايزال كلباً صغيراً، و مرحاً. و يرى بأن أمامه الكثير في الحياة مما لم يفعله بعد؟
يوجد نوعان من الكلاب : كلاب لها مالك و كلاب ضالة . ظاهرياً ليست هناك اختلافات جوهرية، الكلب الضال قد يكون سميناً مثل بقية الكلاب و غالباً مايكون أكثر سمنة. لا الاختلاف يكون في أشياء أخرى. الإنسان بالنسبة للكلاب مصدر رعاية لاحدود لها، وهو كالإله بالنسبة لها. إنه سيد تطيعه و تتبعه و تثق به، هذا هو المعنى الحقيقي من حياة الكلب.
 طبعاً لايكون مالك الكلب شاغلاً جلّ تفكيره به في كل دقيقة من اليوم و مؤكد أن الكلب لا يتبعه خطوة بخطوة ، بل يركض  غالباً وحده و له أعمال تشغله ، فهو  يجري و يشمُّ متنقلاً من ركن منزل إلى آخر. يربط تواصله من خلال ذلك، من  بقعة إلى أخرى، و يحظى بعظمة ما، إذا سنحت له الفرصة.
 ثم ينشغل بها طويلاً، لكن في اللحظة التي يسمع فيها تصفيرصاحبه، فإن كل مشاغله الخاصة به  ككلب تطير من رأسه و يبدأ بالركض بسرعة أكبر من هروب التجار من المعبد حين يسمعون إشارة الإنذار،لأنه يعرف بأن تصفير صاحبه يعني أنه قد يكون محتاجاً لشي ءما، فينسى زوايا البيوت و ينسى عظمته و رفاقه و يسرع راكضاً نحو سيده.
الكلب الذي مات مالكه دون أن يعلم كيف؟، و دون أن يعرف أين دفن؟.حزن عليه كثيراً  لكن الأيام مضت و لم يحدث شي يذكره بمالكه، و بذلك نسي الشارع الذي كان سيده يسكنه، إذ لم يعد يتعرف على رائحته لاقتفاء أثره وحين كان مع أحد رفاقه و يتجولان على العشب، كان غالباً يسمع صفيراً يطلق في الهواء، و في اللحظة نفسها يغيب رفيقه كالريح. حينها كان يرفع أذنيه عالياً، و لكنه لم يكن يسمع تصفيراً  شبيهاً بتصفير مالكه،  و هكذا ينسى مرة أخرى و حتى أنه نسي أكثر من ذلك، نسي أنّه يوماً من الأيام كان له سيد .نسي أنه لم يكن يملك الوقت الكافي ليعرف أن بإمكانه العيش بدون مالك، و هكذا  أصبح، كما نستيطع أن نصفه بكلب شاهد أياماً أفضل بدون مالك، على الرغم من أنه بالمعنى الحقيقي كانت مرحلة نوعية  ظاهرياً، و جيدة مثل نوعية حياة أي كلب كان. يسرق طعاماً طيباً من حين إلى آخر في الساحة، و يعارك أحياناً، و لديه قصص حب، و يتمدد على مقعد ما، حين يكون متعباً، و أصبح لديه أصدقاء و كذلك أعداء. كان يوماً ما يضرب كلباً أضعف منه، و في يوم آخر يُضرَب من كلب أقوى منه.
في الصباحات الباكرة كان يشاهد و هو يركض في الشارع الذي كان صاحبه يسكن فيه، هناك كان لايزال بحكم العادة أكثر مكان يتواجد فيه وهناك يركض بسرعة وكأن لديه قضايا مستعجلة عليه تنفيذها، يشتم أحد الكلاب المارة من هناك و لكنه لا يعيره اهتماماً أكثر بعد ذلك، ولا يلحق به لمصاحبته، ثم يسرع بعض الشيء. يجلس بعدها قليلاً. يحك خلف أذنيه بحيوية مفرطة، واللحظة التالية. يركض عابراً الشارع ليطارد قطاً أحمر، في نافذة القبو، ثم بعدها يعود ليسير في الشارع،  حتى يختفي خلف منعطف الطريق.
هكذا مرّت أيامه و أمضى حياته  عاماً وراء آخر، ليهرم  دون أن ينتبه لذلك.
وفي ذات مساء غائم،  كان الطقس رطباً  و بارداً، و تتساقط بعض زخات المطر بين حين وآخر. الكلب العجوز كان قد وصل في تجوله حتى تخوم المدينة صعد ببطء الشارع و هو يعرج قليلاً. وقف مرتين، و هو يلحس فروته السوداء التي تحولت مع الأعوام الى رمادية اللون،  حول رأسه و عنقه. توقف، و هو يشتم من على يمنيه و على يساره، ثم التفت ليدخل بوابة بناء، و حين خرج كان كلباً آخر في صحبته،  بعد لحظة جاء كلب ثالث، كانا كلبين يافعين و يحبان الجري و المداعبة، و يريدان أن يلاعباه، لكنه كان في حالة سيئة وبالإضافة إلى ذلك، فقد بدأ المطر يهطل بغزار.ة حينها شق الهواء صوت صفير.  صفير طويل و قوي، الكلب العجوز نظر الى الكلبين الآخرين اليافعين، لكنهما لم يعيرا انتباهاً للتصفير . لم يكن تصفير مالك أي منهما، و بذلك فهما ليسا معنيين بالأمر. حينها رفع الكلب العجوز الضال  أذنيه  وأحس بشي غريب يصيبه. ثم سمع تصفيراً آخر و عندها بدأ الكلب العجوز بالركض في هذا الاتجاه حيناً، و في الاتجاه الآخر حيناً آخر، كان سيده هو الذي صفر وعليه أن يلحقه...!!!!

للمرة الثالثة سمع تصفيراً مديداً، بالطول و القوة نفسيهما، أين هو إذاً ؟ في أي اتجاه يكون؟  كيف انفصلت عن سيدي و متى حصل ذلك؟. في الأمس. قبل الأمس، أو ربما منذ لحظة؟ و كيف هي رائحته و أين هو؟ ركض يشتم كل من مرّ من  هناك و لكن لم يكن أحدً منهم مالكه، و لم يكن أحد يريد أن يصبح مالكه؟؟!
 حينها التف عائداً و ركض إلى زاوية الشارع. وقف هناك، و نظر حواليه في جميع الاتجاهات، لم يكن سيده في أي مكان هناك. حينها أقفل راجعاً  في الشارع نفسه بسرعة. القذراة كانت تغطي جسمه، و  قطرات المطر كانت تتساقط من فروته. توقف و هو ينظرحوله، لكن سيده لم يكن في أي من تلك الأماكن. عندها جلس عند تقاطع الشارع و مدّ رأسه المغطى بالفرو باتجاه السماء و أصبح ينبح.
هل رأيت أم سمعت عن هكذا كلبٍ ضال يرفع رقبته باتجاه السماء وينبح، ينبح نباحاً حزيناً؟ الكلبان الآخران ابتعدا بهدوء، و ذيالهما مطوياً بين أرجلهما. فهما لا يستطيعان مواساته أو مساعدته.


ترجمها عن السويدية: فرمز حسين
ستوكهولم


الاثنين، 11 فبراير 2019

طائر الفينيق




طائر الفينيق
أوغست ستريندبيرغ*
الترجمة عن السويدية: فرمز حسين
كان ذلك في موسم الفراولة البرية في حديقة الكاهن حين رآها أول مرة. كان قد رأى قبلها فتيات كثيرات، لكن حين وقع نظره عليها عرف أنها هي، إلا أنه لم يجرؤ على قول شيء. ابتسمت له. كان لايزال تلميذاً في الإعدادية، لكنه عاد مرة أخرى وهو طالب جامعي، فقبّلها، ورأى توابيت المدافع وسمع أصوات الناقوس وبوق الصياد وشعر بالأرض وهي تتزلزل من تحت قدميه. كانت صبية في الرابعة عشرة من عمرها. نهداها ممتلئتان ومتوثبان عالياً وكأنهما بانتظار أنوف طامعة صغيرة، وأياد صغيرة خبيرة مداعبة. مشيتها كانت واثقة. شعرها كان أصفر كثيفاً وكأنها قطعة عسل على الرأس تترك رذاذاً من الماء من فضاء جبينها، العين كانت حارقة والجلد أملس ناعماً مثل قفاز اليد. كانت خطيبته ويتبادلان القبلات مثل طيور الحديقة تحت ظلال الزيزفون في الغابة، والحياة ماثلة أمامهما كمرج مضيء لا مثيل له، ولكن كان عليه أن ينتهي من دراسته أولاً، وأن يحصل على شهادته وهذا كان يتطلب عشرة أعوام خارج البلد! عشرة أعوام!
 وهكذا ذهب إلى أوبسالا، وفي الصيف عاد إلى حديقة الكاهن مرة أخرى. كانت جميلة كما كانت من ذي قبل. ثلاث مرات عاد إلى الحديقة. لكنها في المرة الرابعة كانت شاحبة. وثمة خطوط حمراء صغيرة بدت في زوايا أنفها، صدرها كان قد انخفض، حين جاء الصيف للمرة السادسة كانت تتناول عقار الحديد، وفي الصيف السابع كانت تنتقل إلى منتجع على البحر، في الصيف الثامن كانت تشكو من وجع الأسنان وكانت عصبية المزاج. الشعر كان قد فقد بريقه والصوت أجش ونقاط سوداء على الأنف، صدرها كان قد اختفى وتكورات جسدها كانت قد زالت وخداها تجوفا. في الشتاء أصيبت بحمى العصب وكان عليها حلاقة شعرها. وحين نبت من جديد أصبح لونه أشقر رمادياً. هو كان قد وقع في غرام فتاة شقراء في الرابعة عشرة من عمرها، ولم يكن يتخيل أبداً بأن ينظر إلى أخرى ذات شعر بني اللون، ولا أن يتزوج بتلك التي في الرابعة والعشرين، والتي لم تكن تريد أن تكون محظوظة كعروس. لكنه مع ذلك أحبها. حبه لم يكن عاصفاً كما كان، ولكن كان ثابتاً وهادئا، وفي تلك المدينة الجبلية الصغيرة لم يعكر صفو سعادتهما الهادئة أحد. أنجبت طفلين واحداً تلو الآخر، لكن الرجل كان يريد من كل قلبه أن تأتيه ابنة. وحينها رزقا بمولودة، بطفلة شقراء صغيرة، صارت قرة عين أبيها.
كبرت وأصبحت شبه أمها، أصبح عمرها سبع سنوات وبعمر الثمانية أصبحت صورة عن أمها حين كانت صبية هي الأخرى. والأب لم يكن يلهيه أي شيء آخر عنها في عطلته. الأم كانت منهمكة بأعمال البيت وأصبحت يداها خشنتين. أنفها أصبح كقناع وصدغها أجوف. كانت تُشاهَدُ دوماً وهي واقفة بانحناء من فوق الموقد. فكانا يلتقيان فقط عند الوجبات على مائدة الطعام وفي الليالي. لم يكونا يتشاجران أبداً. لكنهما لم يكونان كما كانا من قبل أيضاً.
في إحدى الصباحات بقيت نائمة في السرير ولم تكن تريد النهوض. الأم ظنت بأن ذلك نتاج مرض المدرسة، لكن الأب استدعى الطبيب. ملائكة الموت كانت قد جاءت لزيارتهم، لقد كانت مريضة بالدفتيريا. أحد الوالدين يجب أن يغادر البيت إلى المدينة مع بقية الأطفال، الأب لم يرغب في أن يهرب. الأم يجب أن تغادر البيت إلى المدينة مع بقية الأطفال والأب مكث مع المريضة. وها هي طريحة الفراش الآن، ودخان الكبريت المستخدم في البيت حوّل إطارات الصور الذهبية إلى سوداء، وحتى الأشياء فضية اللون في الحمام أيضاً أصبحت سوداء.
الأب كان شارد الفكر وهو يمشي في الغرف الفارغة، أو في الليل عندما كان يستلقي وحيداً على السرير الكبير يشعر بنفسه وكأنه أرمل، اشترى ألعاباً للصغيرة وهي طريحة الفراش. سألت عن أمها وعن أخوتها. والأب خرج برأسه من النافذة، وأومأ للأم وأشار للأولاد ملوحاً بقبلات عن بُعد. والأم أرسلت تلغرافاً على صفحات أوراق زرقاء وحمراء من خلال خطوط النافذة، ولكن في أحد الأيام لم تعد الصغيرة تبتسم. وفقدت القدرة على الكلام. الموت جاء، جاء بذراعيه الطويلتين القابضتين وخنقها. عندها عادت الأم كانت تعاني من تأنيب الضمير لأنها تخلت عن ابنتها. وكانت تعاني أيضاً من بؤس وضيق شديدين. وعندما أراد الطبيب أن يأتي ليشرّحَ جثة الصغيرة، لم يكن الأب يريد ذلك، يجب ألا يؤذوها بسكاكينهم، فهي بالنسبة له لم تمُت. ولكن كان يجب حدوث ذلك.
وحين دُفنت بنى لها قبراً يرعاه، وصار يذهب إليه كل يوم على مدار السنة. في العام الذي بعده أصبحت زياراته أقل. كان العمل شاقاً والوقت ضيقاً. السنوات بدأت تثقل والخطوات أصبحت أكثر ثقلاً مما كانت والحزن زال. أحيانا كان يخجل لأنه لم يحزن كثيراً، ولكنه نسي هكذا مع الأيام، رزق بابنتين أخريين، لكن ذلك لن يعوضه التي رحلت.
الحياة كانت قاسية. الزينة اختفت عن تلك المرأة الشابة التي كانت جميلة يوماً ما، الزينة غابت عن تلك الدار التي كانت في يوم من الأيام صافية ومشرقة. كان الأطفال يطرقون على أواني الفضة التي كانت من بعض هدايا الزوجة القَيّمة، وكسروا بعضاً من السرير وضربوا أرجل المقاعد بأقدامهم. حشوة الأريكة خرجت وغدت بارزة والبيانو لم يفتح أعواماً طويلة. الغناء كان قد توقف واحتل بكاء الأطفال مكانه، والأصوات كانت قد أصبحت خشنة، الكلمات الرقيقة أركنت جانباً مثل ثياب الأطفال. بدأ الإحساس بالكبر والتعب. الأب لم يعد يركع على ركبتيه، للأم لكنه يبقى ملازماً في مقعده ويناديها لإحضار أعواد الثقاب، حين كان يريد إشعال غليونه. لقد غدا عجوزاً!
وهكذا مع الأيام ماتت الأم عندما كان الأب في الخمسين من عمره. ولكن من حين الى آخر كان يطفو الماضي، عندها كان يرى شخصيتها المتكسرة والمتعبة من مصارعة الموت، وهي توارى الثرى وترجعه الذكريات إلى اليوم الذي ظهرت فيه تلك الصبية ذات الأربعة عشر ربيعاً مرة أخرى، وعندها يحزن مرة أخرى على ما فقده منذ وقت طويل مضى ومع الافتقاد يأتي الندم.
هي تلك التي في الرابعة عشرة في حديقة الكاهن، التي لم يحظ بها أبداً، لكنه فقط حصل على تلك التي كانت في الرابعة والعشرين. الشاحبة. كان قد ركع لها على قدميه، كان وفياً لها،  يعبدها وحتى يكون صادقاً مع نفسه فإنها هي التي يشتاق إليها الآن. يتذكر طعامها الطيب المذاق وحنانها الذي لم يكن ينضب. بعد ذلك أصبح أكثر حميمياً مع الأطفال. بعضهم كان قد انتقل من البيت، والآخر كان لا يزال يعيش فيه. بعد أن أرهق أصدقاءه عاماً كاملاً بالحديث عن شريط ذكرياته مع زوجته المتوفاة، حدث شيء غريب. لقد وقع نظره على فتاة شابة، شقراء في الثامنة عشرة، كانت تشبه زوجته تماماً عندما كان عمرها أربعة عشرة عاماً. كان يعتبر ذلك بمثابة منحة من السماء الرحيمة التي شاءت أخيراً أن تكون زوجته. فوقع في غرامها.
هو الآن حظي بها، لكن الأطفال وعلى وجه الخصوص البنات أظهرن عدم ترحيبهن بزوجة الأب الشابة. كن يخجلن من النظر إليها ويظننن بأن أمراً غير سليم يلف هذه العلاقة، وأن الأب قد خان أمهن، وهكذا فقد تركن البيت أيضاً، لينطلقن منه إلى الدنيا الواسعة. كان سعيداً، وفخوراً أكثر لأن فتاة شابة أرادته.
بعد عام أنجبت الزوجة طفلاً. وهو لم يكن يتحمل صراخ الطفل وكان يريد النوم في الليل. انتقل إلى غرفته، ولكن الزوجة كانت تبكي. كان يرى بأن النساء جشعات جداً. وهي كانت تشعر بالغيرة من زوجته السابقة، كان غبياً إذ قال لها عندما كانا في فترة الخطبة بأنها تشبه زوجته الأولى. كما أنها أيضا قرأت رسائلهما الغرامية. الآن حين تبقى وحدها أكثر فأكثر فإنها تتذكر كل ذلك. وعرفت أيضا بأن كل أسماء الدلال قد ورثتها عن الزوجة الأخرى، وأنها فقط بديلتها. هذا الشيء كان يزعجها كثيراً وقد عملت كل ما بوسعها من الأفعال الغبية الممكنة لكي تجعله يحبها لشخصها. هذا الأمر أتعبه، وحين كان في خلوته يقارن بينهما فإنه كان يفضل الزوجة القديمة فعلاً. فهذه لم تكن حنونة مثلها، وكانت تثير أعصابه. وعندها يشتاق لأطفاله الذين أُخرجوا من البيت. عادت إليه الكوابيس ورأى نفسه خائناً لزوجته المتوفاة. كان البيت لطيفاً أكثر حينها، كان غباء ما فعل وكان بالإمكان تجنب ذلك.
وهكذا بدأ يذهب إلى نزل في المدينة، وعندها بدأت الزوجة تغضب جداً، وكأنه يخونها، هو كان طائر لقلق هرم، ولكن كان عليه أن يحترس. رفيق عجوز بهذا الشكل عليه ألا يترك زوجته الشابة وحيدة، فإن ذلك قد يكون خطراً! عجوز؟ هل هو عجوز هكذا؟ لسوف يريها ذلك. وهكذا عاد مرة أخرى إليها ولكنها كانت قد أصبحت أسوأ من ذي قبل. لقد أصبح معذباً مرتين وهو يظن بأنه رأى طائر الفينيق ينبعث محلقاً من رماد حبيبته ذات الأربعة عشر ربيعاً. المرة الأولى تمثل ذلك في شخص ابنته والأخرى في زوجته الثانية، ولكن في ذاكرته تعيش فقط الأولى الصغيرة التي كانت في حديقة الكاهن، في موسم الفراولة البرية تحت الزيزفون. في الغابة تلك التي لم يحظ بها أبداً، ولكن الآن حين باتت شمسه تميل إلى الأفول، والأيام غدت أقصر فإنه لم يعد يرى أبداً غير صورة الأم الكبيرة التي كانت رقيقة معه ومع أطفاله. وحين راحت زهوته وأصبح يرى بوضوح أكثر، صار يتساءل في ما إذا كانت الأم الكبيرة طائر الفينيق الحقيقي الذي نهض بذلك الجمال وذلك الهدوء من رماد الطائر الذهبي، حين كانت في الرابعة عشرة، وبعدها وضعت بيضها وأقلعت ريشها من صدرها لصغارها وغذتهم من دمها حتى ماتت. بقي زمناً طويلاً وهو يفكر في ذلك، وحين وضع أخيراً رأسه المتعب على الوسادة كي لا ينهض بعدها أبداً، كان قد أدركه اليقين.

* أوغست ستريندبيرغ أديب مسرحي سويدي، له قرابة ستين عملاً مسرحياً، وعشر روايات، وعشر مجموعات قصصية، بالإضافة إلى بعض الأعمال في مجال الرسم والتصوير. النص أعلاه من مجموعته القصصية: "المتزوجون" 1884



الاثنين، 4 فبراير 2019

زوجة السَخَّام



زوجة السَخَّام
يلمار سودربيرغ
ترجمة: فرمز حسين

إنها حكاية قاسية و محزنة، سمعتها أكثر من مرة في طفولتي و كانت دائماً تهزني و تبعث القشعريرة في جسدي.
هناك في طرف الشارع بيت قديم ذو واجهة رمادية ملساء و مدخل له قوس من الأعلى دون زينة تذكر، نعم سنوات عديدة و البيت هناك ربما كان مزيناً بمنحوتات من رسوم الفاكهة. كان مدخله  يفضي إلى حديقة ضيقة مرصفة بطريق من الحصى و فيها بئر مسجى بالحجر الأسود كالكثير سواه، لاتصله أشعة الشمس. في البيت شجرة زيزفون هرمة مقطوعة الفروع و بأغصان سوداء نتيجة هرمها و أوراق قليلة متناثرة في زوايا المكان.  الشجرة معمرة من عمر المنزل نعم ربما أكثر قدماً منه و هي كانت دائماً المكان المحبوب من الأطفال و القطط.
كانت تلك فيما خلت من الأيام حديقة منزل السَخَّام فيتسمان.
السَخَّام فيتسمان كان رجلاً متواضعاً و ناجحاً.جمع ثروة ضخمة من عمله. كان كريماً مع الفقراء و صارماً مع عماله حيث هكذا جرت العادة أن تكون و ربما كان في حينها الحاجة هي التي تفرض ذلك السلوك و كان دائماً يرتاد المقهى في القبو ليشرب "التودي" حيث كان يشعر بالملل من بقائه في البيت.
زوجته كانت أيضاً صارمة مع العمال و لكنها لم تكن كريمة مع الفقراء و لا مع أحد آخر.كانت قد عملت كخادمة في منزل السَخَّام قبل أن تصبح زوجته الثانية. في ذلك الوقت كان الحسد و الغيرة من ضمن صفاتها السبعة القاتلة. هاتان الصفتان كانتا الأقرب إلى طبيعتها، أما الآن فإنه الغضب و الاعتداد بالنفس.
كانت ضخمة الجسم و يقال بأنها كانت في أيامها الخوالي جميلة.
فريدريرك الابن شاب مرهف و شاحب الوجه ، و هو مولود من زواج أبيه الأول  و كانوا يقولون بأنه شبيه أمه و كان يتمتع بعقل  و حدس جيدين. و كان يدرس لكي يصبح كاهناً. فقد أصبح طالباً لتوهه و حينها أصيب بمرض عضال  ومزمن ألزمه الفراش شتاءاً كاملاً.

في جزء من حديقة جانبية كانت تسكن خادمة منازل مع ابنتها ماجدة  هكذا كان اسمها  لا أعلم مؤكداً، و لكنني كنت دائما أطلق عليها هذا الاسم لنفسي عندما كنت صغيراً، و أسمعهم يتحدثون عنها كل مرة في إحدى ليالي الشتاء المظلمة،  و كنت أتخيلها فتاة بوجه طفولي شاحب نحيل مغطى بشعر أشقر غزير و شفاه شديدة الاحمرار. كانت قي الخامسة عشرة من عمرها و قد أنهت للتو مدرستها ربما لأنها للتو قد أنهت دراستها كان يوحي لي بانها اذاً فتاة جدية و هادئة مثل تلك الفتيات الشابات اللواتي  كنت أراهن أيام الآحاد في الكنيسة و كنت أتخيلها دائماً و هي ترتدي فستاناً أسود أملساً طويلاً.
عندما تحسنت مع حلول الربيع حالة الطالب جاءت ابنة الخادمة بطلب منه، لكي تجلس إلى جانب سريره، بعض الوقت، و تقرأ له بصوت عال.
حرم فيتسمان لم يكن ذلك يروق لها، فقد كانت تخشى أن يتطور ذلك إلى محبة بينهما. بالنسبة لها لامشكلة أن يتعلق ابن زوجها بأية فتاة يريد و حتى لو خطبها لنفسه، و لكن ليس مع ابنة امرأة تخدم في البيوت! كانت تنظر بعين الشك إلى ماجدة. و لكن كان لابد أن تدع هذا الأمر يمضي بسلام، لأن الطبيب كان  قد منع المريض من أن يقرأ وهو مضطجع في الفراش، لأن نظره كان ضيعفاً، و كان ممنوعاً عليه  إجهاد نفسه.
و هكذا كانت هي تجلس بجانب سريره و تقرأ له بصوت عال من الكتب الدينية و العالمية، بينما الطالب كان يبقى ممدداً، و هو يستمع إليها، مسترقاً النظر صوبها، بإحساس ملؤه الارتياح و المتعة بوجودها معه.
كان فمها أحمراً جداً.
كانا في سن متقارب هو لم يكن  قد تجاوز السابعة عشر أو الثامنة عشر من عمره،  و كانا قد لعبا سوية  مرات كثيرة، عندما كانا طفلين. قريباً سوف تصبح علاقتهما أكثر حميمية.
حرم فيتسمان كانت دائماً تجد لنفسها الذرائع لكي تدخل إلى غرفة المريض، و تعرف كيف تجري الأمور في الداخل. الشاب و الفتاة   لابد أنهما لاحظا ذلك، و من المفروض أنهما كانا أكثر حيطةً،  لكن ليس في كل مرة يتصرف المرء كما يجب. في أحد الأيام فتحت المرأة  الباب بصمت و حذر شديدين، و رأتهما في الوضعية التالية. ماجدة كانت قد تركت مقعدها الذي كان موضوعاً على مسافة من السرير. كانت واقفة منحنية و ذراعاها ملتفان حول عنق الشاب. هو أيضا كان قد نهض بنصف جسمه باتجاهها،  مستنداً بمرفقيه على الوسادة، و هو يداعب شعرها بيد رقيق أبيض و هما يقبلان بعضهما بعضاً بحيوية. ومن حين لآخر يتهامسان بكلمات مبهمة لبعضهما البعض.
زوجة السَخَّام انقلب لونها إلى أحمر قاتم، و لم تتمكن من كبت الغيظ في داخلها، لقد آلت الأمور الى ما هي كانت تتوقعه. و لكن الآن يجب أن تضع نقطة الانتهاء. الغضب و الاعتزاز بالنفس صعدا في داخلها بينما هي واقفة متخفية هناك.  وبصمت تراقب الشاب و الفتاة اللذين لم يكونا ينتبهان  لأي شي آخر سواهما،
من يعلم ربما الحسد و الغيرة تسللا سراً من وكرهما إلى داخلها و لعب كل منهما على أوتاره في روحها.
لم تستطع التحمل أكثر و اندفعت مباشرة باتجاه السرير. أمسكت بالفتاة من معصميها بيد من حديد و انهالت عليها بشتائم مهينة و رمت بها إلى خارج الغرفة تحت وابل من أقذع السباب، ثم حلفت أيماناً معظمة لو أن هذه الخادمة وطأت عتبة هذه الدار، مرة أخرى، فلسوف تشبعها ضرباً لدرجة أنها لن تتمكن من الحركة قيد أنملة لمدة لاتقل عن  أربعة عشرة يوماً.
لم يكن هناك من شك بأنها سوف تنفذ وعدها.
الشاب لم يعاتب زوجة أبيه في شيء. كل مرة كانت تمر من الغرفة كان يشيح بوجهه عنها إلى الحائط. لم يكن يريد أن يراها و لا أن يكلمها بعد تصرفها مع ماجدة، و لكنه في أحد الأيام صارح والده في حديث خاص بينهما فقط بأنه لن يستطيع الاستمرار في العيش إذ لم تصبح ماجدة عروسه. السَخَّام  العجوز اندهش و غضب و لكنه لم يجرؤ على أن يخلق مواجهة جدية: الابن كان وحيد أبيه الذي كان يريده بعيداً عن كل سوء و كان الوحيد الذي يبادله المشاعر و لم يكن يستطيع أن يتحمل فكرة خسارته.
لكنه ترك الأمر للمستقبل و أفشى بمتاعبه هذه لزوجته.
كيف أروي لكم الحكاية ؟  إنها تبدو كحلم شرير أو حكاية  تروى لترهيب الأطفال العاقين و هي في الوقت نفسه واقعية.
 كان ذلك عشية يوم السبت من شهر أيار حين حدثت الواقعة.
الحديقة كانت صامتة و الشارع  كذلك ، ربما ضجة خفيفة من نوافذ أحد المطابخ من هنا أو هناك  أو أصوات بعض الأطفال وهم  يلعبون عند السياج. المريض كان وحده  في غرفته يحسب اللحظات و الدقائق. وهناك في الخارج كان الربيع قد حلّ و قريباً يأتي الصيف وهو لن يخرج أبداً من عزلته  و لن يسمع حفيف أشجار الغابة و وشوشاتها. لن يستطيع أن يحسب الأيام ببعض من أوقات للعمل و أوقات أخرى للراحة؟ و ماجدة التي كان  يرى دائماً في وجهها نظرة الفزع تلك. حين أمسكت زوجة أبيه بمعصمها. كان يجب ألا تتعرض  لمثل ذلك الرعب و كان يجب على تلك المرأة الشريرة أن لا تتمكن من ايذاءها فعلاً و بأنه اختارها كعروس له.
الشاب متمدد هناك تراوده حيناً أحلام اليقظة و أحياناً يحلم وهو نصف يقظ. حدقتا عينيه تمتصان ضوء أشعة الشمس المتساقط على الباب الأبيض و حين يغمض عينيه يجد نفسه  في أرخبيل من الجزر الخضراء السامة محاطة بمياه بحر بلون الحبر الأسود، و بينما هو مغمض العينين يتحول اللون الأخضر إلى أزرق و اللون الأسود يصبح فاتحاً، و  يتحول إلى أزرق و أحمر مع أطراف بألوان شاذة غامقة،  و تصبح مع بعضها بعضاً سوداء جميعها.
يشعر بيد خفيفة تمسح جبينه و ينهض قليلاً من السرير.
إنها ماجدة . ماجدة ماثلة أمامه رقيقة صغيرة بابتسامة على فمها الأحمر و هي تضع باقة من أزهار الربيع على غطاء سريره. شقائق النعمان.  زهور اللوز و البنفسج.
هل أنا في حلم أم في علم؟
كيف تجرأتِ ؟ همس قائلاً.
زوجة أبيك ليست في البيت قالت ماجدة ، لقد رأيتها للتو وهي خارجة و كانت مرتدية لباس الخروج. لقد سمعت بأنها سوف تذهب إلى حي الجنوب، و بالتأكيد سوف يأخذ ذلك وقتاً طويلاً حتى تعود إلى البيت،  و لذلك تسللتُ من على الدرج لكي أجيئك.
مكثت طويلاً عنده وهي تتحدث عن الغابة حيث ذهبت هناك وحدها و استمعت إلى تغاريد الطيور و قطفت له أزهار الربيع لأنه أحبها،  وتبادلا القبلات كثيراً و داعبا بعضهما  بعضاً كطفلين و كانا سعيدين، فيما الساعات كانت تمر و أشعة الشمس التي كانت ساقطة على الباب الأبيض تحول تدريجياً إلى لون أصفر محترق ثم  إلى لون أحمر، ثم اختفى كل ذلك ببطء.
ربما من الأفضل أن تذهبي قال فريدريك ، قريباً ستصل عائدة إلى البيت . ماذا أفعل إذا أرادت أن تضربك أنا المريض و الضعيف و الذي يصاب بالدوار لمجرد النهوض من الفراش. ربما عليك أن تذهبي.
لست خائفة أجابت ماجدة.
كانت تريد أن تثبت له بأنها تحبه و أنها تريد أن تقاسي من أجل حبها.
و حتى جاء المساء و حلّ الظلام قبلته لآخر مرة و تسللت خارجة من المنزل،في الحديقة وقفت دقيقة و التفت متطلعة إلى نافذة الغرفة التي كان يرقد فيها  والتي وضعت أزهار اللوز و البنفسج على غطاء الفراش هناك. وحين استدارت  لتذهب في طريقها إلى الغرفة الصغيرة الت يتسكنها مع أمها  في الحديقة الجانبية رأت نفسها وجها لوجه مع سيدة فيتسمان و حينها صدر منها صرخة ضعيفة.
لم يكن هناك أحد باقياً في الحديقة غيرهما،  و من حولهما جدران  تحدق النظر إليهما في الظلام،  بنوافذ معتمة، فارغة، و الزيزفون الهرم يرتجف في داخل ذلك الركن من المكان.
كُنتِ هناك عنده فوق.. قالت زوجة السَخَّام.
كنت أظن دائماً و أنا طفل  بأنها كانت تبتسم و هي تقول ذلك و أن أسنانها كانت تضيء في العتمة  مثل أسنان عمال المداخن الذين يعملون مع زوجها.
لقد كنتُ عنده ربما هكذا أجابت ماجدة  بتحد و صراحة وهي شاحبة من الخوف.
كيف تطورت الأمور بعد ها؟ لا نعرف ذلك حقيقة، لكن من المعقول أن مطاردة قد حدثت في  الحديقة قريباً من جذع شجرة الزيزفون  الهرمة حيث تعثرت الفتاة و سقطت أرضاً. لم تجرؤ على أن تصيح طلباً للنجدة لكي لايسمعها المريض ، ومن سوف يساعدها ؟ أمها كانت بعيدة في العمل ، المرأة الهائجة أصبحت فوقها و كانت قد استحوزت حينها على سلاح ربما كان ذلك عصا المكنسة أو شيئاً من هذ القبيل و ثم  انهالت عليها ضربة تلو الأخرى. صرختين مخنوقتين خرجتا من حنجرتها وهي محاطة برعب الموت. و لم تنطق بشي آخر بعد ذلك.
اثنان من عمال المداخن التابعين لزوجها كانا قد عادا لتوهما إلى البيت من العمل كانا واقفين هناك و يتفرجان لكنهما لم يتحركا خطوة واحدة لمساعدتها ، ربما كانا لايجرؤان، ربما كانا يحملان أملاً ضعيفاً بأنهما ربما سيشاهدان ربة البيت، و هي تساق إلى السجن.  عندها دخلت حرم فيتسمان إلى البيت، بعد أن مارست صلاحياتها كسيدة للمنزل، لأنها كانت تشعر غريزياً بأن لها بالطبع حقاً في أن تكون  سيدة البيت على جميع  من تستطيع إخضاعهم، و جميع من تريد أن تمارس عليهم هذ الحق.. عندها اصطدم قدماه  بشيء ناعم، فنادت الخادمة لأن تجهز/ توفر/ تعد بعض الإضاءة، لأن المكان كان معتماً  تماماً هناك فوق الدرج.

 لقد كان ذلك  فريدريك كان قد سمع بذلك الصراخ الضعيف، و كان قد نهض من فراشه، و ركض إلى خارج غرفته و منها على الدرج، و هناك كان قد سقط.
بقيت ماجدة، ثلاثة أيام بعدذلك، على قيد الحياة، ثم ماتت، و دفنت.
السَخَّام فيتسمان دفع مبلغاً من المال لأمها خادمة المنازل، و بذلك لم يحصل على أية محاكمة عن القضية.
و في الوقت نفسه أثّرت الواقعة في الرجل العجوز فلم يعد يذهب إلى المقهى في القبو ليشرب" التودي" و لكنه بقي جالساً في البيت على مقعده الجلدي، و هو يقرا في في إنجيل قديم. غدا خائر القوى، صامتاً و غريب الأطوار و لم يمض عامً حتى مات هو الآخر،و دفن.
ابنه فريدريك تعافى تدريجياً من المرض  لكنه لم ينه أبداً تعليمه، ولم يحصل على شهادة كاهن. كانت قدرته على الفهم و ذاكرته قد أصبحتا ضعيفتين. كان يُشاهَد كثيراً و هو يحمل الزهور إلى قبر ماجدة. كان يمشي  بخطى ًمتسارعة جداً،  أقرب منها إلى الركض وهو مائل بجسده إلى الأمام، و كأن هناك قضايا عديدة عليه أن ينجزها، و في أغلب الأحيان كان يحمل كتباً تحت إبطه، ثم غدت قواه العقلية ضعيفة أكثر، فيما بعد.
زوجة السَخَّام؟ كانت ذات طبيعة قوية. هناك أناس هم حقيقة ليسوا عديمي الضمير، و لكنهم لا يشعرون نهائياً بأنهم قد ارتكبوا ذنوباً. قد يحدث أن يأتي رجل يرتدي معطفاً بأزرار لامعة،  يربت على أكتافهم، و يطلب منهم أن يتبعوه، حينها فقط  يستيقظ ضميرهم. لكن السيدة فيتسمان لم يأت أحد لأخذها. لقد وضعت ابن زوجها في مصحة عقلية لأنه كان قد أصبح  في وضع لايطاق في المنزل، و هي لبست السواد حزناً على زوجها فترة كما يتطلب العرف و العادة،  و بعدها تزوجت مرة أخرى، و حين ذهبت في يوم الزفاف إلى الكنيسة. كانت ترتدي  سترة من الحرير بلون السفرجل،  مطرزة بخيوط ذهبية و مزركشة بآلاف السنانير.
 هكذا قالت جدتي التي كانت جالسة في نافذتها في البيت المواجه لهم، و رأت كل الواقعة، فيماهي تقلب صفحة في كتاب صلاتها.

ستوكهولم
 2019-02-04

ترجمها عن السويدية
فرمز حسين
يلمار سودربيرغ
1869-1941