الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

Trygg Landning


Idag fick jag mina exemplar av min bok "Trygg landning" som innehåller 29 stycken korta noveller med förord av författaren Niroz Malek från Aleppo som bland annat skrivit boken "Under krigets himmel" som översatts till svenska och franska.
Jag har även glädjen att meddela att utgivningen av min andra bok "Syriska årstider 2011-2016" , en samling artiklar om situationen i Syrien och Mellanöstern, kommer att ske inom kort. De flesta artiklarna i samlingen har tidigare publicerats i arabiskspråkiga nätbaserade tidningar.
استلمت اليوم من دار أوراق للنشر و التوزيع حصتي من مجموعتي القصصية الهبوط الآمن و في غضون الأيام القليلة القادمة سوف يصدر كتابي الثاني عن الدار نفسه و هو بعنوان الفصول السورية 2011-2016 و يحتوي الكتاب على أربعة فصول و لمجموعة كبيرة من المقالات التي نشرت تزامناً مع الثورة السورية في مواقع اعلامية عديدة .

مؤتمر كردي كردي





مؤتمر كردي كردي


 خلافات الدول العظمى و الإقليمية ساهمت في إدامة الصراع في كل من العراق و سورية, التنافس المذهبي  القديم الجديد على الزعامة بين تركية السنية و إيران الشيعية  و الذي عاد إلى الواجهة بقوة بعد ما سمي بالربيع العربي جعل من الوضع العراقي ينحرف  عن الطريق المؤدي إلى التعافي من آثار حرب الخليج و إزاحة صدام و كذلك انعكس مأساوياً على الواقع السوري من خلال تنامي دور الفصائل الإسلامية المتشددة المدعومة من الطرفين  والمستفيدة من تبعثر المعارضة السياسية و بالتالي اختطاف تلك القوى للثورة التي قامت في الأساس للتخلص من ديكتاتورية الفرد وحكم الحزب الواحد و العمل بكل الوسائل الممكنة لتحويلها إلى حرب مذهبية بالوكالة لتُقَوض كل فرص الخلاص من خلال مساهمة تلك القوى و داعميها في تنمية النزعات الفئوية على حساب تفتيت اللحمة الوطنية, ادارة أوباما و سياستها الشرق أوسطية الرخوة وآثارها الكارثية التي أدت عملياً إلى عودة روسية إلى الساحة الدولية من بوابة سورية كقوة عظمى من جديد و تمادي الأخيرة في دعم النظام  الموغل في القتل و التدمير في سبيل بقاءه في الحكم , صحوة تركية بعد اسقاطها للطائرة الروسية  بفرص الكرد في تأسيس كيان خاص بهم فيما أذا توفر لهم الحليف الدولي .

في ظل كل الظروف الشائكة المذكورة أعلاه برز دور المكون الكردي كنتيجة طبيعية من خلال تواجدهم بين الدول المتأثرة بالأزمة جميعها كأكبر اثنية تعيش على ترابها من دون دولة مستقلة  خاصة بهم و الذي عانى على أيدي الأنظمة الشمولية الأمرّين .  ظاهرياً بدا و كأن الكرد لهم حظاً أوفر في الانسجام و التماسك كشعب, قياساً للمكون العربي على الأقل في كل من سورية و العراق  نظراً للتناحر المذهبي لدى الأخير . لكن هذا الانسجام الاثني الكردي لم يأتي متكاملاً نتيجة صراع زعاماتي بين المحور الآبوجي الطالباني المقرب من النظام السوري و حليفه الايراني من جهة  و المحور البرزاني المقرب من تركيا من جهة أخرى.
القيادات الكردية تتحاشى أو أنها لا تريد الاعتراف بخطورة مجريات الأحداث نتيجة ممارساتها التي أقل ما يمكن وصفها بأنها سياسة لا تتمتع ببعد النظر و سوف تكون لها نتائج مدمرة قد تفوق في تداعياتها السلبية الصراع المذهبي بين العرب و تودي بمعظم المكتسبات التي تم تحقيقها في إقليم كردستان منذ حرب الخليج الثانية في العراق 1991 و منذ اندلاع الثورة على النظام السوري 2011  و المكتسبات التي حققها جناح العمال الكردستاني في المناطق الكردية السورية أدراج الرياح إن لم يتم توافق المعنيين من خلال من إعادة العمل لعقد مؤتمر قومي يرسم استراتيجية كردية مشتركة تتجاوز حدود الإنجازات الحزبية الآنية المعتمدة بالأساس على الإرتهان للقوى الإقليمية  التي تسيطر على جغرافية كردستان الطبيعية .
هناك الكثير من العبر يمكن استخلاصها من الأدوار المختلفة و المتناقضة التي تمارسها تركيا و التي أصبح واضحاً بأن أولوياتها في الحرب السورية هي سد كل المنافذ التي قد تمكّن الأكراد من الحصول على حقوقهم القومية كلها أو حتى بعضها ولو أدى بها الأمر للتحالف مع الشيطان , و المقايضة على حلب مع روسية أكبر دليل على ذلك ,كما أنها لن توفر وسيلة بأن تتعاون مع إيران أو تقايض الأمريكان بعد تحريرالموصل أيضاً مقابل أي شي يضمن التخلي عن كرد العراق أو تقنين التعامل معهم في أفضل حالاتها متساوية في هذه الممارسات مع  نظام البعث بقيادة الأسد أحد أهم مؤسسي النزعة الشوفينية ضد الكرد السوريين على مدى خمسة عقود من القمع والاضطهاد وابداعه في تطبيق جملة من المراسيم العنصرية الخاصة بالمناطق الكردية  و هما في هذا يشاركان أيضاً النظام المذهبي الإيراني الذي يفتخر يوماً بعد الآخر بتعليق الشبان الكرد على أعواد المشانق بوحشية قلّ نظيرها .
عدم الاستفادة مما ذكر سابقاً ان استمر يحوّل الكرد من أصحاب قضية عادلة إلى مجرد حملة بنادق للغير بقصد أو بدونه.
غني عن القول بأن تاريخ الحركة التحررية الكردية مليء بالتجارب التي وقعوا فيها ضحايا مقايضات مجحفة كلما التقت مصالح الأقوياء وكما يقال التاريخ خير واعظ فهل نتعظ!؟



فرمز حسين
Stockholm
2016-10-26
Twitter.com/FarmazHussein
stockholm-sham.blogspot.com


السبت، 8 أكتوبر 2016

الهبوط الآمن مجموعتي القصصية كما قدمها الأديب و القاص الكبير نيروز مالك


مقدمة مجموعتي القصصية التي صدرت منذ أيام عن دار أوراق للنشر و التوزيع في مصر كتبها الأديب القدير الصديق نيروزمالك مشكوراً وقد تناول في مقدمته معظم نصوص المجموعة و كانت كالآتي:

بعد أن تنتهي من قراءة" الهبوط الآمن" ، وهي المجموعة الأولى للكاتب فرمز حسين تجد نفسك امام نصوص قصصية رمزية بامتياز. رغم تفاوت بعض نصوصها احياناً عن بعضها الاخرى، إلا انها في المجمل لا تخرج عن دائرة هذا الامتياز. تتوزع نصوصها على جملة من الموضوعات لحيوات ابطاله في الزمان والمكان اللذين عاشا فيه. هذا إلى جانب ان الكاتب يحاول دائماً ان يكون برفقة ابطاله يؤرخ أحياناً لحياتهم المعاشية وأخرى لحالاتهم النفسية. تجده يتجول في القرى التي ترسم الواقع الاجتماعي لتلك البئية القروية الفقيرة، او المدنية البائسة مؤكداً على ان، ليس بالضرورة ان يكون ابطاله فقراء الجيب فقط، فهم ايضاً فقراء المعرفة والقيم والانتماء. في قصة( احداث الفصل الاخير)، حيث تجده يرسم صورة عن صراع اجتماعي، قبائلي، وعشائري، وطائفي.. فالكل يساهم فيه ليثأر، على مايبدو، من ثأر قديم منسي، فيذهب الجميع في طحن بعضهم بعضاً من دون رحمة، ولا يقف الكاتب عند هذه الصورة البدائية عن المجتمع إنما يتعداها مع ابطاله إلى تلك المصانع التي يتخرج منها الأبطال.. ففي حديثه المبطّن في( مصنع الرجال) عن هذه المصانع المبهرجة للبطولة الزائفة التي لا يتخرج منها على أيدي أصحابها سوى رجال أذلاء مهانين يقفون أمام الكاتب وهم يستغربون منه عندما يحدثهم عن قيم" الوطن" و" الأرض" والعرض"، فتراهم لا يعرفون معناها، أو ربما ماتت لديهم منذ زمن بعيد، ففي تلك المصانع التي تصنعهم اصحابها كما يريدون هم، لا كما يريد الوطن والارض والعرض.. فيلتفت ابطاله إليه، ثم مايلبثوا ان ينفجروا بالضحك حتى يغشى عليهم. ويستمر الكاتب التجول مع أبطاله، يرى سلوكهم ويراقب أفعالهم وأعمالهم. ففي(القطيع ) هاهم الرعاة يسوقون الذئاب إلى قطعانهم عندما تدعي المصلحة إلى ذلك، والمصلحة هنا هي مصالح هؤلاء الرعاة طبعاً، فيصبح الصراع كابوساً، فتستغرب كقاريء، وانت تتجول في ارجائه كأنه مدينة بشوارع وحارات وسماء، تستغرب لانك لا تصادف فيها سوى القتلة يسرحون ويمرحون فيها. ولعل نص( العتال) الذي يرسم لنا الكاتب اوضاعه المعيشية الصعبة، والعذاب والمعاناة التي يعاني منها، وهو يتحايل على كسب معاشه اليومي، وانسداد الافق امامه في عيش كريم، من دون اذلال، يرافق الكاتب ويوافقه عندما يدفعه باتجاه الحلم ليغرق فيه ويعيش بالطريقة التي يريد ، فتراه يخلع عن نفسه ثيابه البالية، ويرحل عن بيته المتداعي، بعد ان يرمي وراءه جوعه وفقره وعذابه ليعيش عيشة الرجل الغني فتراه يرتدي اجمل الثياب، ويسكن احلى القصور، ويولم اعظم الولائم.. وهكذا يأخذ الكاتب بيد عتاله ويدفعه إلى حياة افتراضية لا يمكن له العيش فيها إلا في الخيال، فتشعر بالالم لمصير هذا العتال الذي، على مايبدو يستمريء اللعبة، فيتابع حلمه من دون علم الكاتب، ليكون هذه المرة ملكاً او امبرطوراً! ومثل هذا الامر يتكرر ايضاً في نصه( حلم) ولكن، لهذه الحالات الحلمية، يقف الكاتب في بعض نصوصه موقفاً مغايراً تماماً، ففي نصه( يأس) تظهر هذه الحالة بأجلى صورها عندما يعترف بطل النص بعجزه وعدم رغبته في الحياة، ثم يذهب الكاتب بنا إلى دهاليز اخرى، واماكن تجول في رؤوس بعض ابطاله فيجلسون هنا وهنالك على مدرجات الحياة ينتظرون حياة افضل، قد تأتيهم، بعد انتظار طويل او قصير لا يهم، لتلوّح لهم بيدها كفتاة جميلة، مشيرة لهم، انّ تعالوا.. ولكن الكاتب مايلبث ان يؤكد لهم، على ان الانتظار سيصبح امراً عبثياً لا طائل منه ولا فائدة كانتظار" غودو"، لان ذلك سيؤدي به إلى اليأس وفقدان الامل، كما في نص( تجاعيد)، رغم هذا، يحاول الكاتب ان يخفف عن ابطاله بعض هذا اليأس، ويزرع فيهم شيئاً من الامل، إلا انه يجد منهم الصد، لا بل يذهبون إلى ابعد من هذا، يذهبون إلى اليأس حتى من رحمة الله تعالى في ملكوته، كما في نصه( الاعتراف). والكاتب لا ينسى ما يجري في بلده سوريا، واحياناً في مدينته التي لا اسم لها، لان ما يجري في مدينته يجري في كل المدن السورية الصغيرة والكبيرة، ترسم برهافة احوال الناس ومعاناتهم على ايدي قوى ظالمة تريد ان تحكمهم بالحديد والنار، وبكل الاساليب الوحشية وغير الانسانية فتدفع السوريين بفعل الحرب الجارية في بلدهم بكل اطيافه القومية والدينية والمذهبية على ايدي حكامهم، وايدي قوى ظلامية خرجت من اغوار ظلمات التاريخ لتفرض عليه حياة لا يقبل ان يعيشها سوى اعداء الحياة.. وما يميز هذه النصوص التي رسم فيها معاناة الناس من قبيل هاتين القوتين بأنها لا تشعر القاريء بمباشرتها، ومثل هذه المواضيع لابد لها شيء من المباشرة ليعرف القاريء انه امام احداث تاريخية يعيشها ابطال القصص. مازال الكاتب يرافق ابطاله في مجمل قصص لجوء السوريين الذين يعيشون على الورق بعد ان عاشوا الحياة في قراهم ومدنهم، بعضهم كان معذباً يعاني من ضنك العيش والعزلة واليأس، وضياع روحي ونفسي، يعيش حياة لم يرَ ما يسر فيها إلا ساعة ولادته التي مع مرور الايام تصبح عبئاً عليه، حتى ان بعضهم، عندما يتذكرون انهم على قيد الحياة يضحكون من انفسهم ساخرين منها فيلتفتون إلى الكاتب ويسألونه: أحقاً نحن على قيد الحياة؟ ثم يوضحون له: إن كان الامر هكذا فلماذا يلاحقنا هذا الموت رغم الرضا عن حياتنا البائسة. انظر، يقولون للكاتب، هاهو الموت يلاحقنا في بيوتنا، وشوارع احيائنا التي نعيش فيها، وفي اماكن اعمالنا، فلم يعد الموت يفرق بين كبير وصغير بعد ان اصبح اعمى، اعمته هذه الحرب الدائرة منذ سنوات. يرفع الكاتب يديه إلى الاعلى مستسلماً، كأنه يسألهم، ماذا بامكانه ان يفعل لهم؟ لا شيء. يقولون له. ثم يضيفون، ألا تقدر ان تتكلم عنّا، تأمرنا او تجبرنا على الهرب، على الخروج من مدننا وقرانا ومن سوريا كلها، نازحين ولاجئين.. اكتب عنا، اننا نزحنا بالآلاف.. تحدث عما عانيناه في اثناء لجوئنا ونزوحنا، تحدث عن آلامنا وعذابنا ونحن نطوي ارضاً وراء اخرى، نحمل عجزنا وعزلتنا. تحدث عنا ما ان نصل إلى بلد له حدود مع بلدنا، حتى نفكر بالعودة مع التقاء كل نظرة لنا بنظرات اهالي البلد الذي عبرنا حدوده قبل ان نتابع رحلتنا إلى اين؟ لانعرف. لانعرف القدر اين سيرمينا، في ايّ بلد من العالم سيحط بنا. اتمنى، يقولون للكاتب، ان لاتخجل منا، ان لا تقول كيف لي ان اتحدث عن اهلي وناسي وشعبي بصورة ترسمهم برفقة الذل والخوف والخنوع و.. نعرف ما نحن عليه ولكن ليس ذنبنا، ولا ذنب اهل البلد الذي لجأنا إليه. ثم يقولون: لم يعد امرنا يهمنا نحن، إنما يهمنا امر اولادنا، حاول ان ترسم لهم ان حياة متلألئة تنتظرهم في البلدان التي لجأنا إليها. ارفع عن وجوههم القلق والخوف الذي على وجوهنا. حاول ان تقول لهم، ان ما لاقيناه في البحر والبر هو امر عادي لا يلبث لهم ان ينسونه خلال ايام من وصولهم إلى بلد اللجوء. سينسون عذاب الانتظار، والخوف والوحدة والايام القاسية التي تمر عليهم وهم ينتظرون ان يصلهم قرار لمّ الشمل، او الضيافة، او.. وفي قصته الاخيرة( الارقام المهاجرة) يحاول الكاتب ان يسلّي نفسه، او يجعل من نفسه سخرية لابطاله، فهو لا يفكر بمأساتهم، ولا يتذكر معاناتهم إنما يحاول ان يعاقب نفسه، عندما يذهب في عدّ ابناء قريته الذين هربوا من الموت لاجئين ونازحين إلى بلدان العالم، بعد ان تركوا وراءهم بيوتهم وارزاقهم، لا يفكرون سوى بانقاذ انفسهم وحياة اولادهم. ويعدّ، ويعدّ، ثم يسهو عن العدد الذي وصل إليه، فيعيد العدّ، ولكنه، في كل يوم يجد عدد النازحين يزداد ولا يتوقف. وهكذا يمضي ايامه كأنه رجل مسلوب العقل، يتسلى بالعدّ في قتل ايامه الخاوية، واوقاته التي لا معنى لها، كأنه يتساءل: طيب بعد ان تفرغ قريته من سكانها، ماذا سيفعل عندها؟ اراه، يقوم من مكانه، ويذهب ليقف امام باب كل بيت خاو عن عروشه، يبكي قليلاً، ثم يمضي إلى باب آخر من دون ان يجفف دموعه، كأنه يتساءل: لماذا اجفف دموعي، فالامر لم ينتهِ، مازالت بعض البيوت، رغم قلتها، يمكنك ان ترى فيها بعض اهلها، لم ينزحوا عنها بعد، ولم يلجاؤوا إلى العالم. يقول لنفسه: لن اجفف دموعي إلا في حال واحدة عندما ارى بيوتها خاوية حتى من حيواناتها. هذا ما قاله الكاتب في نصوصه، عبر رمزية شفافة يستطيع القاريء ان يعرف غاياته، وما يريد ان يقوله ويشير إليه، ولن يجد صعوبة في فهم واستيعاب رسالة الكاتب، وما رمى إليه، ورسمه من مأساة وطنه وشعبه. نيروز مالك| حلب

https://www.facebook.com/AwraqLlnshrWaltwzy/photos/a.945625698891714.1073741829.160517144069244/1067762833344666/?type=3&theater

السبت، 1 أكتوبر 2016

فصام سوري




فُصَامْ سوري

قصة قصيرة

نقطة الصفر
ابتسامةً عَريضة مَلأتْ سُحنة َوجههِ الضئيل وألقتْ بإشراقةٍ صَادقة لا مكانَ للرياءِ فيها حينَ نَهَضَ صديقي الذي تعرفتُ عليه ِمُؤخراً من مَكاَنهِ و عاد ليُحَسِّنَ من وضعيةَ جُلوسهِ مُسنِداً مِرفقَهُ اليمين عَلى حَافةِ الجدارِ الاسمنتي المُلاصِقِ لِكُرسيِّه بتثاقلٍ واضحٍ و كأنَّه يَستَعدُّ لِسَردِ حكايةٍ طويلة ٍو يُريدني أَنْ أَنصتَ إليهِ باهتمامْ .
  اسمعْ يا صاحبي.... قالَها بَعدَ أنْ أخرجَ من جيب سترتهِ الرماديةِ قداحةً صغيرة ًعارَكها بابهامِ َيدهِ اليُمنى  مراتً عديدةً حتى أَخرجَ من فوهتها شُعلة ضعيفةً بالكادِ أوقدتْ سيجارتهُ...... ثُمَّ عَاد َو أَردفَ قائلاً :
 لقدْ عانيتُ أكثرَ منْ أيّ مخلوق ٍعلى وجهِ الأرضِ لدرجة أنني فقدت رغبة الاختلاط مع الآخرين و أصبحت لا أَتذوق من طعم الحياةِ سوى  مرّها و كأنني خلقتُ للألمِ و المعاناة .
 لكنني ... هدأت  .....
 فكرت.....
وأخيراً قررت خَوضَ معركةِ الخُروجِ مما أنا فيه .....وبالفعل نجحتُ في  تخطي كلّ ذلك ....وأعلنتُ من يومها  المُصالحةَ مع نفسي مُتجاوزاً جُدرانَ الحُزنِ......رافِضاً الاستسلامَ  لرهبةَ الَموتِ  و خشيته ..... مُصمماً على العودة إلى الحياةِ والقبول بقسمتي و ها آنذا  أتمسكُ بتلابيبها محاولاً عَدم هدرِ ما تبقي من  أيام َعمري دون أن َتغمرني نشوة الاستمتاعِ بعيشِ تفاصليها مع علمي المسبق بأنني لن أعيشها بسعادة مطلقةٍ!.


تحت الصفر
لا أعرفُ صَراحَة ًمن أينَ أبدأُ ...
الأحداثُ المؤلمةُ تَتاَلى منذُ زمنٍ  بِسُرعةٍ جُنونية ٍ, أتأملُ بصمتٍ مظاهِرَ الدمارِ و أَرى أخبارَ الوَفياتِ مَخطوطةً في كلِّ بُقعةٍ مِنَ المدينة ِ المنكوبةِ و أنا في حالةِ خمولٍ أقربُ إلى البَلاَدَة و فُقدان الشعور . حيثُ لم يَعُدْ هناك وجع ٌيُؤلمني و لا مأساةً ُيمكنُ لها أنْ تَهزَّ مَشاعري فأنا في دوامةَ حُزني أدورُ فيها و أَدور دونَ تَوقفْ. لم أحرك ساكناً ولا يَزال الهمُّ  يتابع نموه الاخطبوطي يوماً بعد الآخر و يعشعش في قلبي لأكثرِ من أربعة أعوام, و لكي أكون دقيقاً أقول منذ ذلكَ اليومِ الكئيبِ الذي فقدت فيه التواصلُ مع عائلتي التي انقطعت  أخبارها  في مياه المتوسط . من يومها لم تمر عليّ لحظة صمت واحدة ......
 أستقبل زيارة من الملائكة ......
أستضيف جمعاً من الشياطين .....
يقيمون معي  .....
يوشوشون  في أذني همساً حيناً و صراخاً يكاد يمزق غشاء أذني أحياناً أخرى .....أهم ما في الأمر أنهم لم يتركوني وحيداً أبداً بَعضهمْ قالوا بأن أطفالي  يَتَراكضونَ في رَوضَةٍ من رياضِ الجنة مليئة بأزهار الياسمين لكن آخرون و هم أكثر غلبة أخبروني بأن الحيتان قد ابتلعت أجسادهم الطرية  و انا أميل إلى تصديق الادعاء الأخير لأن ذلك قد تَهيأَ لي أيضا و مراراً  في كوابيس ٍ ثقيلةٍ لا تنتهي في نومي كما في صحوتي..... كلُّ شَيٍ تَوقَفَ مِن حينها و أنَا  أَنتظرُ و أَنتظرْ و لإصراري المتكرر على أصدقائي من الملائكة و رجائي منهم أن يرفقونَ بيَ و يأخذونَ بيدي و يقودونني إلى حيث تواجدهم فالتقي أخيراً بهمْ و أتخلصُ من رقودي في هذا البيت و قد فقدت كل رغبة في الاستمرار في الحياة حتى انني لا أغادر فراشي و قد استفلحَ الترهل في جَسدي و بتُّ  أرى شَخْصَاً آخراً كلَّما نَظرتُ إلى المرآة ِ فقد نصحوني بالسير في خطاهم . و لذلك سوف أبدأ  في الانطلاق باتجاههم بدل الاستمرار في جَلد نفسي لأنني وافقت على سفرهم خلاصاً من الأوضاع التي لم تعد تطاق في طول البلاد وعرضها,  و بما أنني كنتُ مُتابعاً رحيلهم فقد قررتُ أخيرأ  السيرَ على خُطاهمْ و احتساب الوقتِ بالدقائقِ و الثواني من أولِّ خطوة لرحلتهم البائسة  تلك و رُكُوبِهم البَحر و سَوفَ أنزلُ خِلسَةً في وسط المياه الوفيرة و أبحثُ عَنهم. هذا ما كانَ و لا يزالُ يجولُ في خاطري منذُ ذلكَ اليومِ المشؤوم. وكانَ آخرُ لقاء جَمَعَني بِهمْ هو في الجانب الغربي  من ذلك المعبر اليتيم حيث بقيت معهم ثلاث أيام بلياليها حتى تمكنوا من المغادرة في قارب صغير ... لوحوا لي بأياديهم مودعين و أنا أنظر إليهم  يعبرون إلى الجانب  الآخر من النهر !


فَرَمَزْ حسين
2016-09-30
ستوكهولم
stockholm-sham.blogspot.com


.