مع من سيتحالف العمال الكردستاني
النظام البعثي من جديد أم البارزاني؟
لا شك أن التدخل التركي العسكري المباشر الذي
بدأ على شكل غارات جوية على مواقع العمال الكردستاني سوف يلحقه تدخل بري لكن ليس
في اقليم كردستان العراق بل في بعض المناطق الكردية السورية التي تخضع لقوات حماية
الشعب, الأمر الذي سوف يغير موازين القوى
على مختلف الأصعدة ومن لا يرى هذه الحقيقة أو لا يريد رؤيتها فهو يهرب من الواقع.
مثلما
هو معروف فإن تركية تستخدم الحرب على تنظيم الدولة الارهابي كغطاء لكسر شوكة
العمال الكردستاني الذي صعد نجمه من خلال فرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي و
مخاوفها من قيام الحزب المذكور بإيصال المناطق الكردية جغرافيا بعضها ببعض تمهيداً
لإقامة إقليم كردي شبيه بإقليم كردستان
العراق مع اختلافٍ كبير في القيادة ,الأمر الذي بدون أدنى شك سوف يدعم موقف العمال
الكردستاني في الداخل التركي لذلك تريد تركيا إنشاء منطقة آمنة على الأراضي السورية
لتكون بمثابة صمام الأمان بالنسبة لها, تُمكنها من منع تقدم الحزب المذكور .
نحن معنيون جميعا بالذي سوف يحدث في المنطقة
اذ ليس من المستبعد أن تقوم الطائرات الحربية التركية بالتحليق فوق مدن الإدارة
الذاتية ,تركية التي لها باع طويل بتدمير آلاف القرى في شمال كردستان و تهجير الملايين من الكرد من ديارهم لن تتوانى
بأن تقصف المناطق المأهولة بالسكان خارج حدودها للقضاء على تواجد المسلحين
التابعين لحزب العمال في غرب كردستان
بمباركة من حلف الأطلسي مادام عذر محاربة الإرهاب موجودا.
كل الدلائل تشير إلى أن تحالف قوات حماية
الشعب مع الأمريكان هش لا يمكن الاعتماد عليه , هاهي لا تحرك ساكنا و تركيا تشنّ
غارات مدمّرة على مواقع حليفتها , كما أنها ليست جادة في حربها على الإرهاب و لو
كانت كذلك لتمكنت من القضاء على داعش في وقت أقصر بكثير مما تفعله الآن . يقول
ريتشارد سبنسر الصحفي المختص بشؤون الشرق الأوسط في جريدة ذا تلغراف البريطانية
حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط : الرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يريد
النصر السريع على تنظيم الدولة بل أنه يعتبر ذلك عبثيا و يشكل كارثة حقيقية, هذه
ليست عملية تشويه صغيرة بل هي الحقيقة يضيف سبنسر.
حقا هل هناك عبثية أكثر من الدور الأمريكي
الذي تقوم به اليوم على الساحتين السورية و العراقية ؟ أميركا و تركيا تصلان إلى
توافق باستخدام قاعدة انجيرليك , لكن لكل منهما عدوه بل أن عدو كل منهما هو حليف
للآخر, داعش حليف لتركيا, و قوات حماية الشعب الكردية حليفة لأميركا فهل يمكن
الاعتماد على مثل هكذا حليف يريد إطالة آمد الصراع
لا
إنهاءه ؟!
إذا كانت المواجهة العسكرية مع دولة قوية
بحجم تركية في سهول المناطق الكردية السورية دون مساندة حليف دولي قوي هو ضرب من
الجنون فليس أمام قادة قنديل إلا خيارين
لا ثالث لهما :إما أن يطالبوا النظام السوري بالعودة إلى المناطق الكردية لترجع
الأمور على ما كانت عليه قبل الثورة السورية و إما أن يتخذوا قراراً تاريخياً ذو بعد قومي عميق و يقوموا ليس
فقط بإشراك بل بتسليم مناطق الإدارة الذاتية (روج آفا) للقوى الكردية الأقل عداءا
لتركية و المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي
المقرب من تيار البارزاني المقرب بدوره من أنقرة , بذلك سيتم الحفاظ على
المكتسبات القومية عبر المؤسسات التي أنشأها حزب الاتحاد الديمقراطي , لن تذهب
دماء الشهداء التي أُريقت هباءً , ستبقى
الحاضنة الشعبية لحزب العمال في كردستان سورية و يزداد حجم التعاطف الشعبي معه
كقوة قومية وسياسية هامة.
تركية هي الدولة التي تحتل أكبر جزء من جغرافية
كردستان و تضم أكثر من خمسة و عشرين مليون كردي ,هي الأكثر نفوذاً وعداءً لقيام أي
كيانٍ كرديٍ مستقل في أيٍ من الأجزاء الأربعة . أليس من الأولى أن تتضافر كل
الجهود لمحاربتها في الداخل التركي ؟
القوات العسكرية التابعة لحزب العمال مشتتة بين
روج آفا , سنجار,جنوب و شرق كردستان غارقة في أجزاء منها بصراعات و مهاترات بينية,
أليس من الأجدر أن تتوحد في قنديل لمحاربة الفاشية التركية و خاصة بوجود جناح
سياسي قانوني مثل حزب الشعوب الديمقراطية داخل أروقة الحكم في الدولة التركية؟َ
فرمز حسين
ستوكهولم
2015-08-02
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein