أوباما خلف سيئ
و سيكون سلف أسوأ
فرمز حسين
ازدياد نفوذ داعش في كل من العراق
وسورية أظهر هشاشة سياسة الادارة
الأمريكية , سوء تقديرها وسطحيتها في التعاطي مع الملف الشرق الأوسطي البالغ
الأهمية و غياب استراتيجية التعامل مع أهم قضية أشغلت الولايات المتحدة منذ هجمات
سبتمبر التي تصادف ذكراها الثالثة عشر هذا اليوم بالتحديد وأثبتت أن سياسة النأي
بالنفس لن تجدي نفعا في سبيل إبعاد أميركا من مخاطر الإرهاب . توسع داعش في كل من الموصل
و سنجار "شنكال" وارتكابه لجرائم وحشية بداية بحق السوريين, العراقيين
,الكرد الإيزيدين وبالأخص بحق الصحفيين الأمريكيين وضع إدارة أوباما أمام امتحان
صعب حيث كان يبرر عجز سياسته بأن عدم التدخل في شؤون كل من سورية والعراق هو من مصلحة أميركا وأن الجيش الأمريكي لن يقوم
بالمحاربة عوضا عن الشيعة , السنة أو حتى الكرد بل أن عليهم أن يتقبلوا بعضهم
البعض و يقتلعوا أشواكهم بأيديهم.
لا
شك أن الذي حدث أعاد العراق الى الواجهة من جديد عَكْسَ ترتيبات أوباما التي كانت
عبارة عن إدارة الظهر وترك الحبل على الغارب حيث كان يعتبر ما يجري هناك هي نتيجة
أخطاء ادارة سلفه بوش وهو غير معني بذلك في شيء سوى جلب البقية الباقية من الجنود
الأمريكيين الى ذويهم وكل ماعدا ذلك لم يأخذ حيزا يذكر في سلم أولوياته باعتبارها مخلفات أنهكت الاقتصاد و أزادت من المخاطر على الأمن القومي الأمريكي
وأنه سوف يقضي على الإرهاب بإلقاء الخُطب بدل القنابل.
من خلال الاستماع
الى خطاب أوباما التي ألقاها أمس من البيت الأبيض بدا جليا بأن هذه الادارة تسير
وفق سياسة مقننة غير قابلة للتغيير على الرغم من كل التطورات التي ستكون لها أثار
خطيرة على أمن المنطقة والعالم , سياسة ابقاء الأوضاع المأساوية قبل كل شيء في
سورية وبعدها في العراق على حالها باستثناء ضربات وقائية على تنظيم إرهابي بات
الصمت عن ممارساته اللا إنسانية أمر غير مقبول من الرأي العام الأمريكي قبل غيره,
الأمر الذي فرض على أوباما تكوين حلف يضم
أربعين دولة للاستمرار في ضرب مواقع داعش من الجو بالاعتماد على القوات البرية
التابعة للحكومة العراقية المكونة حديثا والتي تضم أيضا قوات البيشمركة الكردية التي
لم يذكرها في اشارة منه الى أهمية وحدة
الدولة العراقية حرصا منه على عدم إثارة كل من ايرن و تركية والحفاظ على ودهما, ثم أن اصرار إدارته الاعتماد على الحكومة العراقية
يعني استمرارا إعطاء الدور الطليعي لإيران
و من خلالها حزب الله الذي يحارب في صفوف النظام السوري الذي بدوره يفرز كل أسبوع
مجموعة متطرفة جديدة.
سياسة أوباما الرخوة ربما كانت لها انعكاسات
ايجابية لو أن ما يجري الآن في العراق أولا لم يكن سببه الرئيسي سلفه بوش من خلال
هدم دباباته للبلاد وتركها في دوامة الحروب المذهبية .
ما يثير الشكوك حول جدية أوباما في القضاء على دولة
الخلافة الارهابية هو أنه يتغاضى عن حقيقة أن تنظيم داعش قد ألغى الحدود بين كل من
سورية والعراق فيما هو مصر على ضربه في العراق قبل كل شيء نظرا لتواجد الأمريكيين
على أراضيها وإذا اضطر الأمر قد ينفذ بعض الضربات الجوية على الأراضي السورية
والتي بالتأكيد لن يستطيع من خلالها القضاء على التنظيم بل إضعافه فحسب.
من ناحية أخرى فانه تحدث عن مهلة طويلة تتجاوز الثلاث سنوات
للقضاء على هذا التنظيم أي أنه يريد بكل بساطة أن ينهي فترته الرئاسية الثانية
والأخيرة دون حسم أي شيء في كل من سورية والعراق ويخرج من البيت الأبيض تاركا
وراءه إرثا ثقيلا من الأزمات والمآسي التي ابتدأت مع سلفه بوش واستاءت خلال فترتي
رئاسته ليسلّم عهدة ثقيلة غير منتهية لخلفه, في سبيل أن يزعم فيما بعد بأنه كان
رئيس سلام وليس حروب خلال الثمانية أعوام من حكمه.
فصل الوضع
السوري عن العراقي فيما يتعلق بمسألة الإرهاب والقضاء على داعش مضيعة للوقت,الجهد
والإمكانات مادام الوضع المأساوي في سورية على حاله فهذا يعني أن الإرهاب سيستمر و
ستكون هناك عشرات التنظيمات المماثلة تحت أسماء أخرى تخرج من خلال التربة الخصبة
الصالحة لنمو التطرف.
استراتيجية أوباما التي جاءت متأخرة هي استراتيجية جرف
الأوساخ ورميها تحت البساط لتتراكم وتفوح منها رائحة نتنة.
فرمز حسين
ستوكهولم
2014-09-11-
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein
.