الأحد، 7 سبتمبر 2014

داعش شريان الحياة وسدادة الموت



داعش شريان الحياة وسدادة الموت


فرمز حسين
ظهور تنظيم داعش أمر طبيعي في بلد مثل العراق الذي تعرض لغزو القوات الأمريكية التي قدمت مجهزة بخطة تدمير شاملة للبنية التحتية للبلاد بكامل مؤسساتها دون أدنى اعتبار أو تحضير لإعادة البناء ومن ثم  ترك المنطقة في حالة من الاحتقان الطائفي لشعب تخلص من استبداد ديكتاتور وحزب أوحد ليدخل في معمعة تناحر مذاهبي انتقامي مبني على مرارة القهر الذي زرعه نظام البائد صدام حسين. مرحلة ما بعد السقوط بدأت بتهميش أهل السنة جميعا بحجة اجتثاث البعث. النظام السوري الذي كان يخشى مصيرا مماثلا لما آل اليه نظام نظيره العراقي دعم اعلاميا و عسكريا في الخفاء كل من وقف ضد الغزو الأمريكي حتى وإن كانوا من السنة و ذلك طوال الفترة الممتدة بين سقوط تمثال صدام في بغداد وحتى اليوم الذي تفجرت فيه الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في سورية والتي جاءت متأثرة برياح ما سمي بالربيع العربي الذي أطاح ببعض الحكام العرب وتوقف فيما يشبه المستنقع الدموي في سورية آخذة بشكل متزايد هيئة الحرب الطائفية التي ساهمت الى حد بعيد في ظهور بوادر الشقاق بين تنظيم داعش والنظام .
  تنامي هذا التنظيم الهدام في سورية الى جانب الفصائل الراديكالية الأخرى يعتبر نتيجة  طبيعية في بلد يحترق لأكثر من ثلاثة أعوام ونصف  في ظل تغاضي شبه تام من المجتمع الدولي الذي أراد مع بعض القوى الاقليمية أن تتحول سورية الى ساحة استقطاب للمتطرفين والقتلة في حرب الكل مع الكل و دمار لا نهاية له مستفيدين من وضع  معارضة مسلحة متشظية وأخرى سياسية هزيلة لا تملك حتى قرار نفسها.
لكن مع بدء تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية بوضع سكين النحر على عنق المواطنيين الأمريكيين ونشر تفاصيل الجريمتين بالتصوير الحي وبرسالة من داعشي يتكلم الانكليزية بلكنة لندنية استفاقت أمريكا ومعها الدول الأوربية على حقيقة أنها ليست خارج الصراع الدائر في المنطقة و أنهم  معنيون بالقتل والإرهاب وأن سورية لن تبقى حلبة الصراع وهم فيها متفرجين فقط. على الرغم من أن المعركة ليست مع الأفراد لكن هوية الجاني الذي نفذ عملية ذبح الصحفيين بدم بارد كانت لها  الأهمية القصوى في ايقاظ أمريكا والأوربيين على حقيقة أن أعداد كبيرة من مواطنيهم منخرطون في صفوف التنظيم الارهابي و بالتالي الخطر الذي اعتقدوه بعيدا هو في الواقع قريب من مشارف بلدانهم.
حقيقة لا يمكن تجاهلها أن من قتل الصحفيين الأمريكيين وآلاف الأبرياء من العراقيين و السوريين هو تنظيم كامل نشأ وترعرع نتيجة اهمال العراق بعد هدمها  ومن ثم  الصمت الدولي حيال عمليات القتل والتشريد التي تعرض ولا يزال يتعرض لها السوريون على مدى أربع سنوات متتالية و للقضاء على الإرهاب ليس أمام أمريكا والغرب إلا خيارين لا ثالث لهما :
الأول: العمل على تخليص شعوب المنطقة من الاستبداد و مساعدة القوى المعتدلة لا ستلام مقاليد الحكم وفق أنظمة برلمانية تعددية لكي تبدأ مسيرة نشر الحريات السياسية, الدينية ,الفكرية و تحقيق العدالة الاجتماعية و إرساء المبادئ الديمقراطية وترسيخها.

الثاني: مساعدة الحكام والأنظمة الشمولية في القضاء على مناوئيهم بالتالي العودة الى العهد السابق أي الاستبداد وكتم الأفواه بغية فرض الأمن والاستقرار من جديد بقوة الحديد و النار على شعوبهم.
 الخيار الأول يعدّ مسيرة طويلة تحتاج الى أعوام من المدّ والجزر والعمل المضني والمكلف  فبالتأكيد ستعمل أمريكا  ومعها حلفائها على ترسيخ الحل الآخر أي اعادة تأهيل الأنظمة الاستبدادية في عموم المنطقة , ربما في سورية ستضطر الى استبدال الأسد الذي يعتبر بطاقة محروقة بآخر مشابه , على غرار مبارك , السيسي في مصر , صالح  و منصور هادي في اليمن وبذلك يكون تنظيم داعش قد لعب دور الشريان الذي يعيد الحياة الى الأنظمة الاستبدادية التي كانت على وشك الانهيار التام والسدادة التي تمنع تدفق الدم وبالتالي الحياة الحرة إلى الشعب الثائر.

فرمز حسين
 ستوكهولم
2014-09-07-
Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق