تداعيات مناصفة السلطة كرديا
في الوقت الذي استحوذ الكرد على تعاطف و تضامن
دوليين غير مسبوق على المستويين الرسمي و الشعبي
من خلال محاربة تنظيم داعش الارهابي يطفو خلاف كردي كردي, قديم جديد على السطح, خلاف
خطير من شأنه تقويض ليس فقط كل الفرص التي قد تمهد إلى تحقيق حلم طالما دغدغ مشاعر
الشعب الكردي التواق إلى الحرية و هو اقامة دولته القومية الخاصة به أسوة ببقية
شعوب العالم, بل أيضا خطورة ضياع المكتسبات التي حصلوا عليها حتى يومنا هذا. هذا
الأمر يجب أن يعرفه الشارع الكردي و المواطن العادي الغير متحزب.
كما
هو معروف فان الاقتتال الداخلي في منتصف التسعينات بين الحزبان الكرديان البارتي
الديمقراطي بزعامة البارزاني و الاتحاد
الوطني بزعامة الطالباني والذي كان ضحيته الآلاف من الأبرياء لم يكن له أية دوافع
قومية أو وطنية بل كان محض اقتتال حزبي صرف و تناحر على السلطة مدعوما من القوى
الاقليمية التي تتقاسم جغرافية كردستان و خدمة لأجنداتها السياسية و لم يتوقف الطرفان عن الاقتتال حتى نهاية
التسعينات و تحت ضغوط أمريكية قوية بعد
التوصل إلى اتفاق مناصفة السلطة و
بعد تأكد كل منهما بأن القبول بالتقاسم خير من أن لا تبقى سلطة على الاطلاق.
الذي حصل منذ نهاية التسعينات و حتى يومنا
هذا أن الاتحاد الوطني الكردستاني فقد الكثير في مناطق نفوذه لصالح حركة التغيير(كوران)
بزعامة نوشيروان مصطفى من جهة واهتمام رئيس الحزب جلال الطالباني بسياسة المركز في
بغداد على حساب الاقليم بصفته رئيسا للعراق الفيدرالي و من ثم غيابه التام عن
المشهد السياسي بسببه مرضه و افتقاد الحزب بذلك لكاريزميته المؤثرة من جهة أخرى و
ازدياد ضعف حزب الاتحاد مقابل تنامي دور البارتي بزعامة البارزاني.
الأمر الآخر الذي له أهمية بالغة هو أن نفوذ
الحزبين مقسم مناطقيا فالبارتي في كل من دهوك وأربيل عاصمة الاقليم فيما نفوذ
الاتحاد الوطني في مدينة السليمانية وريفها ما يعزز ثقافة الكانتونات و يشجع ان لم
يتدارك الأمر في حينه إلى خيار الالتجاء إلى ادارتين منفصلتين تعمل كل منها لصالح
حزبه لا شعبه و تقع في فخ التبعية للقوى الاقليمية التي تتربص بالشعب الكردي و
تضمر له الشر و يتحول قواعد و قيادات الحزبين إلى بيادق في لعبة المحورين الايراني التركي المتنافسين
على النفوذ في المنطقة!
في ظل مثل هذه الظروف و في ظل الحضور القوي
لكل من الدولتان السابق ذكرهما اللتان اليوم كما في الماضي يهمها اضعاف الصف
الكردي تقترب فترة انتهاء ولاية رئيس
الاقليم و جدلية التجديد الذي يتوجب تغييرا في دستور الاقليم.
لاشك أن مسعود البارزاني بإمكانه لعب دور الزعيم
الكردي ذو التأثير القيادي الايجابي على مسيرة حركة التحرر الكردية كقائد ملهم لشعبه
,لكن للقيام بمثل هكذا دور عليه الابتعاد عن التشبث بالسلطة ومحاولة احتكار
المناصب الهامة مثل رئاسة الحكومة لابن أخيه و ادارة أمن الاقليم لابنه مسرور الأمر
الذي يفقد المصداقية في نيته خدمة شعبه والنضال من أجل إيصاله إلى بر الأمان دون
ضمان بقاء السلطة محصورة في قبضة عائلته ما يتناقض مع خصال زعيم الأمة الملهم الذي
من المفترض أن يرى في كل كردي ابنا ,أخا ,أختا, قريبا وعشيرة وإلا فهو شخص عادي لا
يتميز في تعطشه للسطوة والملك عن أي قيادي سياسي أو عسكري آخر و عليه توقع المعاملة من
عامة الشعب على الأساس نفسه.
فرمز حسين
Farmaz_hussein@hotmail.com
ستوكهولم
2015-04-18
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق