وقود الحرب السورية
فرمز حسين
الشعب السوري خرج للتخلص من نظام
الحزب الواحد ,التفرد بالسلطة , المحسوبية ,غياب العدالة الاجتماعية , هدر المال
العام والسطو على امكانات المواطنين فكرية كانت أم مادية لمجرد الشك بأنها قد لا تكون
في خدمة الحاكم. مساوئ الحكم لها بداية
بدون نهاية حيث تفنن نظام البعث دائما في ايجاد كل ما من شأنه اذلال المواطن وجعله تابعا , مصفقا شاء أم
أبى.
السوريون خرجوا متعطشين للحرية يدفعهم محبتهم لبلدهم , غيرتهم عليه في ظرف
متأثر برياح الربيع العربي بغية انتزاع الحكم من براثن ديكتاتورية دامت لعقود , لم
يخرجوا لهدم وحرق بلادهم. ايغال النظام في
القتل مدفوعا برعب شديد ومعرفة تامة بزواله ان لم يستخدم أقصى ما عنده من القسوة
والوحشية في ظل صمت دولي مهين فتح أبواب الجحيم لعنف متبادل من مختلف تيارات
المعارضة المسلحة بالإضافة الى تقبّل دخول أصوليين .
الآن أهم من كل هذا وذاك هي وجود قوى اقليمية ودولية ضد الأسد وبقاءه لكنها
أيضا ضد انتقال السلطة الى أيادي سورية وطنية ديمقراطية.
الاستراتيجية التي يتبعها القائمون على تسليح الجيش الحر والفصائل المسلحة
الأخرى تثير المزيد من الشكوك يوما بعد
الاخر حول صدق نواياها وتشير على أن تلك الأطراف لا تريد للثورة السورية الانتصار السريع بل هي عميلة تزويد بمستلزمات
استمرار الصراع حتى تبقى رحى المعارك دائرة في حصد الأرواح , هدم الممتلكات الخاصة
والعامة , تفتيت البنية التحتية وبالتالي
كسر ارادة الشعب السوري وتحطيم معنوياته , تقزيم تطلعاته , إفراغ انتفاضته
من دوافع نشأتها الحقيقية وهم في هذا المسعى الأخير لا يختلفون كثيرا عن النظام.
السلطة الحاكمة في دمشق عمدت منذ الشرارة الأولى للانتفاضة الى تحويل
المطالب الشعبية بالتغيير الى صراع طائفي ,
القوى الاقليمية ساعدت على تحقيق
مثل هذا الهدف. النظام يستمد قوته من هذا النهج , من خلال التمادي في استعمال العنف
المفرط لإخماد الثورة في ظل ضعف الاهتمام الدولي وعدم رغبته في التدخل في شؤون
الحروب المذهبية .
القوى الاقليمية والدولية المعنية بالشأن السوري محكومة بأجندات سياسية خاصة بها و يبقى السوريون
وقود الحرب التي تحترق اخر شيء تفكر به هذه القوى.
تركية على سبيل المثال لا الحصر الدولة المسلمة والجارة لسورية لم تكن في
يوم من الأيام بأفضل حال من النظام السوري في تعاطيها مع المطالب المشروعة للشعب
الكردي وجنودها كانوا سباقين في التمثيل بجثث الثوار الكرد .
من المفروض أن ترفع هذه المعطيات الاقليمية والدولية ارادة التقارب بين
جميع أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج مدنيين وعسكريين. لن يكون هناك
موقف دولي متحد والمعارضون السوريون كل يغني على ليلاه بأصوات تشحن طاقاتها من
مصادر تفتقر نفسها للطاقة.
أطراف المعارضة السورية المسلحة عليها مواجهة الة القتل التي يستخدمها
النظام ضد الجميع و أن تفكر أكثر من مرة قبل الاقدام على أعمال لها صبغة انتقامية
, فالمعارضة وخاصة الجيش الحر يتحمل مسؤولية مضاعفة مقارنة مع جيش النظام عن ارتكاب
الأخطاء. السلطة زائلة لا محالة أما الجيش الحر فمن المفروض أن يكون جزءا من
المعادلة الوطنية التي ينتظر منها أن تشارك في عملية بناء سورية المستقبل. من بين
الأمور الأشد أهمية هو الحفاظ على الروح الوطنية العالية بين مختلف مكونات الشعب
السوري.
فرمز حسين
2012-11-03
مترجم وكاتب سوري مقيم في
ستوكهولم
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق