كان الله في عون السوريين
فرمز حسين
ثلاثة أعوام من الحرب وويلاتها تمر , حصدت
خلالها آلة قتل النظام أرواح مئات الآلاف من السوريين ودمرت أكثر من ستين بالمائة
من البنية التحتية للبلاد , حوّلت نصف السكان الى مشردين والنصف الآخر الى رهائن,
والأمرّ من كل هذا وذاك هو أن القادم قد يكون أعظم فلا بوادر لبصيص ضوء في نهاية هذا
النفق المظلم. ما سلف يحتم علينا كسوريين بمختلف انتماءاتنا أن نراجع أنفسنا من خلال
وقفة تأمل لإعادة النظر في أسباب الوصول الى هذا الدرك الخطير وهذا الحصاد الدامي والمروع
, علينا تحليل دواعي الاخفاقات وتداعياتها الرهيبة على الوطن والمواطن وماهية
الأحصنة التي نراهن نحن عامة السوريين عليها.
في التاسع عشر من شهر آذار الجاري شاءت الظروف أن أحضر ندوة
عن الشأن السوري في مبنى البرلمان السويدي ,
تم خلالها عرض تقارير عن الانتهاكات الجسيمة التي قام بها النظام مزودة
بصور ووثائق مروّعة لانتهاكات ترقى الى مستوى جرائم ضد الانسانية.
الخبير السويدي والمحرر المعروف في المعهد السويدي للسياسة الخارجية بير جونسون
قدم تحليلا منطقيا لمجريات الوضع الميداني وأنواع الفصائل المسلحة المقاتلة في
سورية , اتسم تحليله بالتشاؤم الى حد ما نحى فيها الى امكانية انتصار النظام على
المعارضة.
من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة شارك هيثم المالح
حيث تطرق الى البدايات السلمية للثورة وإجبار النظام للسوريين على العسكرة وهذا ما حصل بالفعل. إلا أنه أضاف قائلا: بأن داعش وحزب العمال الكردستاني يقتلان الشعب
السوري. لكنه تجنب الافصاح عن موقفه من جبهة النصرة المرتبطة رسميا بالقاعدة حين
سئل بل اكتفى بقوله : أن جبهة النصرة لا تقتل السوريين.
الآن أصبح واضحا
للقاصي والداني بأن العدو الأساس للشعب السوري والثورة السورية هو الجماعات
الاسلامية المتطرفة وموقف بعض رموز الائتلاف الصامت ,المالح انموذجا يعني رضاهم عن
عمل هؤلاء المتطرفين ويعني أيضا تجسيدا لطائفية الحرب و المضي في تحريف الثورة من
مسارها نحو المزيد من الاقتتال المذهبي والنزوح أكثر فأكثر باتجاه الحرب الأهلية
كما بدأت تسمى دوليا وهذا ما يقضي على كل أمل للتعاطف الخارجي مع محنة الشعب
السوري.
حزب العمال الكردستاني أو فرعه الاتحاد الديمقراطي يقاتل
جبهة النصرة وداعش في المناطق الكردية حصرا
وعلى هذا فان السيد المالح يعتبر عناصر جبهة النصرة هم أفراد الشعب السوري
الذين يقتلون على أيدي عناصر الحزب المذكور.
الاسلام السياسي الذي يحاول تنظيم الاخوان المسلمين تمثيله
يفتقر الى كل عوامل النجاح وسبل الوصول الى السلطة مسدودة أمامهم في سورية
المتعددة الألوان . في مصر نجح مرسي في أول انتخابات تاريخية حرة نتيجة قوة التيار
الاسلامي الموالي للإخوان هناك من جهة و رغبة عامة المصريين اختبار مصداقية الحزب
وهم في سدة الحكم بعد التخلص من مبارك من جهة أخرى , لكنه أزيح عن السلطة بقوة
الجيش وبمباركة دولية , فما الذي يتأمله تنظيم الاخوان في سورية وهم يفتقرون
لمقومات النجاح و لا يحظون على ثلث الدعم الشعبي الذي يمتلكه اخوان مصر.
طلب الدعم بالسلاح والعتاد من القوى الاقليمية لا يخدم
السوريين في قضيتهم ولن يساهم الا في استمرارية القتل , التهجير ,التدمير ويرسخ
فكرة التقسيم على أسس عرقية وطائفية الى
أجزاء لا حصر لها فيها حتى السنة يجب أن تنقسم الى علمانية وغير علمانية. الشعب
السوري بحاجة الى قرار أممي يحسم الصراع ,ينهي معاناته ويمهّد له الطريق لإعادة
بناء الوطن واللحمة الوطنية في دولة مدنية تعددية تتسع للجميع ولا سبيل الى مثل
هذا القرار دون وجود معارضة مخلصة لا ترى في الانتقام من النظام ورموزه حلا بل في
تحقيق العدالة وسيادة القانون , معارضة تمثل أحرار السوريين جميعا ,عربا ,كردا
,سريانا ,آشوريين ,دروزا ,علويين ,سنة وغيرهم من أطياف المجتمع السوري و تحمل معها
رؤية مستقبلية عن البلاد بعيدة كل البعد عن التطرف أيا كان هذا التطرف طائفيا , دينيا,
أو عرقيا.
فرمز حسين
ستوكهولم
23-03-2014