الخميس، 2 أكتوبر 2014

المشهد السوري في طريقه الى التغيير






المشهد السوري في طريقه الى التغيير

فرمز حسين
نظام الأسد المترنح في دمشق يفقد أقوى ورقة لديه استعملها منذ بواكير الثورة السورية في مواجهة التغيير الذي كان يهدد وجوده واستمراره في الحكم ألا وهو ادعاءه أمام المجتمع الدولي بعدم وجود معارضة معتدلة وأن انهياره سيفسح المجال للقوى الراديكالية المعادية للعالم المتمدن بالوصول الى السلطة فالضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة على مواقع المتطرفين في سورية و تأكيدهم على عدم التنسيق مع حكومة البعث في هذا الشأن هو أهم اجراء تتخذه أميركا و يشكل دلالة كبرى على أن مفعول انطلاء حيل نظامه على المجتمع الدولي قد انتهى.
لكن ليس النظام و داعش فقط هما الخاسران حيث أنّ الضربات الجوية شملت أيضا مواقع جبهة النصرة التابعة رسميا لتنظيم القاعدة الإرهابي ما يعني اضعاف فصائل إسلامية أخرى من قوى  المعارضة المسلحة التابعة للجيش الحر والتي حاربت معها جنبا الى جنب في وجه قوات النظام وبهذا تكون أميركا وحلفائها قد انتقلوا من مرحلة الأقوال الى الأفعال وخرجوا من سلبيتهم في التعامل مع الأزمة السورية التي رمت بظلال مآسيها على بلدانهم واتخذوا الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح  ألا وهو افساح المجال أمام اعادة تأهيل معارضة سورية معتدلة  كانت قد أوشكت على الزوال في خضم الصراع الدائر متأثرة بصمت المجتمع الدولي وسلبيته من جهة  وجبروت روسيّا و دعمها للنظام من جهة أخرى, لذلك فان الهجمات الجوية ضد مواقع الإرهابيين  دون مشاركة روسية لها مؤشرات ايجابية قد تفضي في المحصلة الى إيجاد مخرج من المعضلة السورية الخبيثة .
 كثيرة هي العبر التي يمكن استخلاصها من هذا التغيير في الموقف الدولي الغربي حصرا وذلك بعد أن بدأ المتطرفون يجزون أعناق الرهائن الأجنبية بوحشية منقطعة النظير.
المشهد السوري بكل تأكيد في طريقه الى تغيير شبه كلي فيما يتعلق بفصائل المعارضة وفي تغيير جزئي على مستوى النظام ربما النموذج المصري هو خيار القوى الدولية لكن مطلقا ليس السعي الى نشر الديمقراطية التي على ما يبدو أن الوقت مازال سابق لآوانه بالنسبة لشعوب المنطقة وعليهم الانتظار ردحا آخر من الزمن. هناك أيضا تساؤلات وشكوك حول ماهية الخطط التي تحاك وراء الكواليس من قبل الرؤوس الكبيرة للتحالف الدولي بزعامة أميركا فهي تريد القضاء على  داعش في سورية والعراق , وتقصف مواقع حيوية للتنظيم المتطرف في سورية لكنها لم تشن أي هجوم ذي أهمية عسكرية حاسمة على أرتال دبابات داعش الذي احتل عشرات القرى الكردية ويحاصر مدينة كوباني من ثلاثة محاور لماذا؟
 هناك تفسير وحيد لمثل هذا التصرف فطبقا لتصريحات الخارجية الأمريكية, يجب أن لا يشكل دحر داعش تقوية للنظام الذي فقد شرعيته منذ زمن بعيد و يجب ألا تسقط المواقع المحررة من الإرهابيين بيده , من وجهة نظر التحالف فإن حزب الإتحاد الديمقراطي الذي بطبيعة الحال سوف يسيطر على تلك المناطق في حال  دحر داعش هو حليف للأسد طبقا لمصادر الائتلاف المعترف به دوليا والمدعوم من السعودية التي تولت أمر الملف السوري من ناحية , كما أن الحزب المذكور عدو لتركيا من ناحية أخرى.
أخيرا تأتي الحشود العسكرية التركية باتجاه المناطق الكردية السورية تأكيدا على ما أسلفنا من مخاوف اذ أن ما تقوم به هي عملية استعراض استباقي للعضلات اعتدناه سابقا من الأتراك من خلال تدخلها المستمر في شؤون دول الجوار كلما تعلق الأمر بالمسألة الكردية لكنها هذه المرة تلوح بالعصا الغليظة حتى في وجه المجتمع الدولي وتريد أن تقول إن تم تحرير المنطقة من داعش فلن نقبل أن يسيطر عليها مقاتلي حزب الإتحاد الديمقراطي النسخة الكردية السورية عن العمال الكردستاني .


فرمز حسين
 ستوكهولم
2014-10-01
Stockholm-sham.blogspot.com
                      Twitter@farmazhussein

.

 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق