حرب داعش العبثية؟!
فرمز حسين
تطورات الأحداث السريعة على الساحة السورية
تظهر عدم جدوى استراتيجية الرئيس الأمريكي التي وضعت بهدف القضاء على تنظيم داعش
المتطرف على الرغم من ايجابية قراره في عدم إشراك كل من ايران,روسية والنظام
السوري. التنظيم يتحرك بكل حرية بين سورية والعراق , يعزز مراكزه في سورية ويتقدم بأرتال ضخمة مدججة
بالأسلحة الثقيلة والآليات الحربية المتطورة ويستولي على عشرات القرى الكردية في محاولة جديدة منه للاستيلاء على مدينة كوباني ثالث أكبر مدينة كردية سورية والتي تدافع
عنها قوات حماية الشعب ببسالة خلال قرابة عام كامل. على الرغم من المعرفة التامة
بأن داعش سوف يرتكب مجازرا مروّعة بحق المدنيين كما فعل في شنكال وغيرها من المناطق ان نجح في اقتحام المدينة فان
حلف أوباما الحربي يقف موقف المتفرج و كأن داعش سورية غير داعش العراق, ما يدل على
فشل استراتيجيته قبل البدء بتنفيذها, كما أن شكوكا كثيرة تحوم حول مصداقية إدارته
في التخلص التام من هذا التنظيم الذي أصبح يجيد التأقلم مع التغييرات في المنطقة مستفيدا
إلى أبعد حد من الوضع السوري المتشظي حيث تحوّل الى أقوى حركة مذهبية متطرفة في
هذه المرحلة المفصلية من عمر المنطقة عموما وسورية و العراق خصوصا. جلّ اهتمام
أمريكا منصبّة على الوضع في العراق وحتى هناك لا تعدّ ما تقوم به من غارات جوية
حتى الآن في الواقع أكثر من عملية أضعاف للتنظيم بغية إرضاء الرأي العام الأمريكي
المستاء من تعاطي إدارته مع قضايا الإرهاب الشائكة و تحديدا فيما يتعلق بالملفين
السوري والعراقي بعد قيام داعش بنحر
الصحفيين الأمريكيين علانية.
للقضاء على أية حركة مسلحة لا بد قبل كل شيء
من قطع أسباب استمراريتها و المقصود هنا هو التمويل والتعبئة البشرية حيث كل الدلائل تشير الى أن أهم مصادر تمويل التنظيم تأتي من
منابع النفط التي يسيطر عليه في كل من
سورية والعراق وتباع النفط الخام ومشتقاته في السوق السوداء التركية و يستفيد منها
طبقة نافذة من الأتراك, من ناحية أخرى فإنّ المنفذ الأهم لدخول المقاتلين الأجانب
الى الأراضي السورية يحدث أيضا من خلال الحدود التركية ما يؤكد أن هناك تغاضي تركي
شبه رسمي تسهّل دخول و خروج المقاتلين الأجانب.
كلنا يذكر كيف كانت التصريحات النارية لأردوغان
ومسؤولين آخرين أتراك في بدايات الثورة السورية والتي ضعفت تدريجيا
ثم تلاشىت نتيجة تمكّن نظام الأسد من اللعب بالورقة الكردية ما جعلت الحكومة
التركية تغيّر من سياستها بتشجيع معارك مستترة مضادة من خلال فتح حدودها لكي يتسرب
منه الجهاديين الذين يتم استدراجهم إلى المناطق الكردية التي بدا نفوذ حزب العمال
الكردستاني جليا فيها و دعم هؤلاء المتطرفين لخلق حرب عبثية هدفها إضعاف الحركة
التحررية الكردية في ساحات معارك خارج تركية, بذلك تكون تركية قد ضربت عصفورين
بحجر واحد فهي من ناحية تكون قد استنزفت القوة العسكرية للحزب المذكور الذي يخوض
كفاحا مسلحا ضد الدولة التركية لأكثر من ثلاثة عقود ومن ناحية أخرى تقطع الطريق
أمام مطامح كرد سورية في الحصول على
امتيازات قد تشكّل مصدر قوة مستقبلية
لأخوتهم في القسم الشمالي من كردستان وذلك من خلال جرهم الى مستنقع الحروب الأهلية
والمذهبية والتي سوف تؤدي في المحصلة الى تفريغ المنطقة من سكانها وتحوّلها الى
عرضة للتغيير الديموغرافي الذي ينسجم مع المصالح التركية, هذا على صعيد سورية, علينا
أن لا ننسى أن تواجد التنظيمات المسلحة السنية في العراق أيضا ينصب في ساقية المصالح
التركية كونها تشكل حجر عثرة أمام النفوذ الصفوي القادم من إيران التي تطمح في
توطيد أواصر المثلث الشيعي من خلال نفوذها على شيعة العراق والبقاء على نظام الأسد
الذي يوصّله بإيران الصغيرة (حزب الله) .
لاشك أن هذا التحالف الدولي الضخم سيتمكن من إضعاف
داعش في العراق ولكن لن يمضي وقت طويل حتى ظهور دواعش أخر مادام الوضع القائم في
سورية على حاله.
فرمز حسين
ستوكهولم
2014-09-20
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق