فرمز حسين
اجتمع أصدقاء
سورية... سوف ينعقد مؤتمرا لأصدقاء سورية حيث يضم أكثر من ثمانين دولة... اتفقت
وتفرقت مجموعة أصدقاء سورية إلى أن يلتقوا في الجولة المقبلة.
هذه التسمية مع
الطقوس التي تخيّم على لقاءاتها وجداول أعمالها، تذكرني كثيرا بأنشطة الجمعيات
الخيرية والثقافية المنتشرة هنا وهناك.
هذه الجمعيات التي
على الأغلب تطلق على نفسها مسميات بأصدقاء لشخصيات سياسية أو اجتماعية متوفية
وتعقد حفلة تأبين هنا وأربعينية هناك تتحدث من خلالها عن مناقب الراحل الفلاني.
انتفاضة الشعب
السوري ضد نظام البعث الشمولي وإصراره لنيل حريته واختيار شكل الحكم في بلاده
مازالت حية ومستمرة، ولن تتوقف الا بسقوط النظام بكافة رموزه.
في الوقت الذي تحصد
فيه آلة القمع العسكرية المدعومة من روسيّا وإيران أرواح السوريين، يجب أن يكون
أول وأهم هدف على أجندة أعمال كل من يدعي الصداقة هو الوقف الفوري لعمليات القتل
التي تنفذ يوميا بحق الشعب الأعزل وبذل كل مايتطلب عمله من أجل تحقيق هذا الهدف.
كل ماعدا ذلك يمكن التروّي فيه وعقد الجلسات والمؤتمرات والمفاوضات وإصدار
البيانات والى آخره من الأمور الدبلوماسية.
إذا كانت المسألة
الملحّة هي وقف سيل الدم السوري فان هذه الاجتماعات لا تفي بالغرض
والذي يجعل عقد مثل
هذه الاجتماعات غير مجدية، هو غياب اللاعبين الأساسيين وإذا استثنينا
ممثلين عن النظام السوري فيبقى ثلاثة لاعبين أساسيين، روسيّا، إيران، الصين بدونهم
لن تنجح أية محاولة للتأثير في الانتهاكات التي تمارسها القوات العسكرية الحكومية
والمليشيا الشبه عسكرية التابعة لها (الشبيحة).
الولايات المتحدة
ومعها العديد من الدول الغربية ضد أي تدخل عسكري في سورية، تبقى المحاولات التي
تريدها بعض الدول العربية في الخليج تحديدا بتسليح المعارضة لا ترقى إلى مستوى
الإطاحة بالنظام، فهم بأنفسهم لايشكّلون سوى دولا تقف على قدم واحدة. المساعدة
بدفع الرواتب للجيش الحر ليس كافيا مع أنهم جديرون بالحصول على رواتبهم لكن ذلك لا
يشكل حلا للمأساة المستفحلة بل أنها عملية إطالة لنزيف سوري داخلي.
القوات الحكومية تستطيع
الاستمرار في القتل وحماية النظام الحاكم حتى لو انشقّ نصف العدد الموجود الآن
والتحق بالجيش الحر، ما دام الحلفاء الأقوياء مثل روسيّا والصين يستمرون في دعمها
.
الحقيقة التي يجب أن
يعرفه العالم العربي والأجنبي معا وكل من يزعم مساعدة أو صداقة سورية بأنّه:
ليس هناك مواطن سوري
واحد من عامة الشعب من الداخل أو في الشتات، عسكريا كان أو مدنيا، يريد أن يرى
بلاده غارقا في أتون حرب استنزاف أهلية طويلة الأمد، ترهق البلاد والعباد، تدمر
البنية التحتية، تمزق أشلاء الدولة، تبدد ثرواتها وتحولها إلى ساحة للصراعات
المحورية والتصفيات الإقليمية على حساب الدماء السورية .
تركية الدولة التي
استضافت المؤتمرين مؤخرا والتي تطمح إلى ممارسة دور الزعامة في الشرق الأوسط ،
تفتقد هي نفسها للمصداقية لبعدها عن الممارسة الديمقراطية في بيتها الداخلي ومنح
الكرد ثاني أكبر قومية فيها حقوقها . بدلا من المحاولة في التأثير على قرارات
المجلس الوطني السوري، الذي لهث جاهدا خلف الاعتراف بشرعيته بأي ثمن حتى لو كان
ذلك الثمن هو الرضوخ للاملاءات الخارجية. هذه الممارسات لا تزيد سوى الشكوك وعدم
التأكد من الرؤى المستقبلية لسورية ما بعد الأسد.
انسحاب الكرد ليس
الا تعبيرا عن عدم أهلية المجلس الوطني السوري على اتخاذ قرارات مستقلة بمعزل عن
التأثيرات الجانبية من تركية أو غيرها من الدول الإقليمية المعنية بالشأن السوري.
هنا يجدر الإشارة إلى تعهد القوى الكردية بمتابعة النضال إلى جانب بقية مكونات
الشعب السوري حتى اسقاط النظام.
هذه السلوكية من طرف
المجلس الوطني السوري سوف يشكل عقبة أمامه، إذا أراد إقناع المجتمع الدولي بأنه البديل الرسمي الذي سوف يقود البلاد في المرحلة
الانتقالية باتجاه دولة الديمقراطية والتعددية السياسية.
الجميع يلف ويدور
حول الحقيقة دون أن يجاهر بها بل يستمرون في الرياء والنفاق . الخوف من مرحلة ما بعد
الأسد ، بل حتى أن الكثيرين من القوى الغربية ربما ترى في بقاء الأسد خير من المجهول
القادم. الولايات المتحدة أكثر شيء يهمها من
أمر الربيع العربي هي مسألة أمنها القومي والدول الغربية لا تختلف عنها كثيرا في
هذا الشأن. الغرب يرى في المسألة أبعد من كونها جماهير من الشباب الثائر التواق
للحرية والمتأثر برياح التغيير التي هبت من تونس إلى العالم العربي، بل أنه يرى أن
ما يجري في سورية هي مسألة صراع بين المعسكرين الشيعي والسني والمتمثلة بالدول الإقليمية
التي تنتمي إلى كل من هذين المذهبين, في نهاية المطاف ما هي الا عملية انتقال من سلطة مستبدة إلى أخرى.
يبقى أهم سؤال لدى
الدول الغربية من الأضمن لأمننا القومي، النظام السوري القائم أم القادم؟؟
بين انتظارهم الحصول
على الجواب الشافي و بين مراقبي الدابي واقتراحات عنان وأصدقاءنا الذين يترنحون في
أروقة الفنادق الفخمة ، يبقى شعبنا السوري العظيم يتحف العالم ببطولاته من خلال
مسيرته الواثقة في طريق الحرية دافعا فاتورة الاستمرارية من دماء أبناءه وبناته.
فرمز حسين
ستوكهولم 02-04-2012
Farmaz_hussein@hotmail.com
Stockholm-sham.blogspot.com
twitter@farmazhussein
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق