الخميس، 19 سبتمبر 2013

ديمومة الصراع في سورية


ديمومة الصراع في سورية

فرمز حسين


 الأضواء العالمية سلطت بشدة على الانتهاكات الرهيبة التي ارتكبها النظام السوري منذ بدايات الثورة لكن دون حراك دولي ذو تأثير يذكر, ثم جاءت مجزرة الكيماوي الكبرى في غوطة دمشق في الحادي والعشرون من أغسطس المنصرم وظهرت بوادر أمل بيقظة ضمير المجتمع الدولي من غفوته والقيام بواجبه في حماية الشعب السوري من حكم عسكري قلّ أمثاله في الوحشية والإجرام , لكن الذي حصل أن أميركا كما يقول المثل الشائع : تركت الحمار وأمسكت بالبردعة, حيث تجلى بوضوح الوجه المخزي لدورها كدولة عظمى تجاه محنة السوريين وجريها العبثي خلف سراب الحلول الدبلوماسية على الرغم من تأكدها بأن لغة الحديد والنار هي الوحيدة التي يفهمها نظام البعث في دمشق خاصة بعد اعتراف رأس النظام بامتلاكه للسلاح المحرم دوليا وباستعداده لتسليمه, الأمر الذي كان من المستحيل أن يحدث لولا احساسه بجدية التلويح بالضربة العسكرية الأميركية. أميركا بقيت متمسكة بما قد يشكل خطرا على مصالحها  وأمن حلفائها في المنطقة اسرائيل بالدرجة الأولى , أي الحيلولة دون وقوع الأسلحة الكيماوية في أيدي الراديكاليين من المعارضة أو محاولة النظام تمريرها الى حزب الله عند احساسه بفقدان السيطرة على أرض المعركة, أما ما يتعرض له السوريين من سحق وإبادة فليس له حيز في سلّم أولوياتها , بذلك تسقط الورقة الأخيرة عن عورة أميركا وحلفائها حول ادعاءاتهم بالاكتراث لأرواح السوريين وعذاباتهم.

أندرو تابلر متخصص في الشأن السوري بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يقول لصحيفة نيويورك تايمز: الرئيس السوري لديه انطباع بأن الأمريكيين ربما يريدون رحيله عن السلطة ولكن ليس الآن . ويردف قائلا: لذلك علينا أن نتوقع بأن يقوم بهجوم على الثوار. وتضيف الصحيفة : بأن الكثير من المحللين السياسيين يتوقعون فعلا بأن يتمكن الأسد من بسط نفوذه من جديد.

هذه المعطيات الدولية  تتوافق في مجملها مع رؤية الأسد الشخصية والتي رواها في احدى مقابلاته بأنه لا يرى في الثورة على حكمه سوى تطرف ديني ,مذهبي, ارهابي شبيه بأحداث حماة في الثمانينات التي قادتها جماعة الاخوان المسلمين والتي  تم اخمادها ثم عادت الحياة الطبيعية الى البلاد.

 الآن اللعب على المكشوف فالعالم الخارجي وعلى رأسهم أميركا يريدون وضع أيديهم على السلاح الكيماوي وحسب أي لا حقوق انسان و(لا بطيخ مبسمر)  والنظام يريد البقاء في السلطة لا ممانعة ولا توازن عسكري استراتيجي مع إسرائيل ولا تحرير أراضي فلا ضير في التخلي عن المخزون الكيماوي لإسكات الأمريكيين وكسب المزيد من الوقت للاستمرار في حله الأمني  بسحق كل معارض لحكمه لكن بالأسلحة التقليدية .

 اذا كان العالم الخارجي ينظر الى  ما يجري في سورية على أنها حرب أهلية وليست ثورة , فحتى الرئيس الأمريكي باراك أوباما  قد صرح  في أكثر من مناسبة بأن ادارته ليست لديها أية رغبة بالتدخل في الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سورية , ومعظم المعارضين المنضوين تحت لواء الائتلاف  منفصلين عن الواقع المرير في الوطن ومنهمكين  برسائل التهنئة الهزلية لرئيس الحكومة ومن قبله لرئيس الائتلاف, في الوقت الذي هذا الأمر يعتبر أخر ما يمكن أن يفكر به أهلنا السوريين في الداخل وفي مخيمات البؤس والشتات لذلك فان دوامة العنف لن تتوقف.

 مدفعية النظام وقذيفة المتطرف سوف تستمران في صناعة البؤس و الشقاء في سورية .

ستوكهولم

2013-09-19

فرمز حسين

مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم


Stockholm-sham.blogspot.com

Twitter.com@farmazhussein




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق