أنا أكبر
ق.ق
كان الليل قد بدأ يسدل ستارة داكنة من ظلاله
على أطراف المكان متابعا سيره... زاحفا بصمت ثقيل بعد صخب نهارات متتالية حتى غطى
بسواده المدينة كاملة... غرقت من حينها في ظلام مطبق .. بدا لجميع سكانها بأنها
عتمة أزلية فأورثوها خانعين لأولادهم و أحفادهم الذين لم يشاهدوا الأنوار يوما
فاعتادوا طقوسها بدورهم خانعين .
هناكْ ....درجت العادة أن يجتمع الأهالي كل
من موقعه منصاعين للأوامر والإيعاز
بالدوران حول أنفسهم في حلقات ضيقة حتى يصابون بالدوخة ما أدى إلى اصابة
الجميع باختلال مزمن في التوازن وباتوا يسيرون مترنحين....
يسقطون هائمين على وجوههم....
تسيل
منهم الدماء...
بعضهم يجلس بصمت .. ...
آخرون يجثون على ركبهم مذعورين ..
لكن
الجميع دون استثناء مصابون في المكان عينه ..
تارة يحاولون لملمة جراحهم ...تارة أخرى لا
يعيرونها اهتماما ...يهرعون لإسكات عواء مستعر صادر من جوفهم ...كانوا على هذه
الحالة منذ أكثر من أربعة عقود ... أحيانا
كثيرة تزداد أوجاع أطرافهم معا في المكان عينه.... كأنهم جسد واحد.
ينهضون ...
يسقطون ...
ينهضون من جديد...
في
كل سقوط تطغى قهقهة السلطان و تهكمه على تأوهاتهم.
الليل كان لا يزال يرمي بظلاله و العتمة
سائدة المكان , حين تراءت أضواء متناثرة من بعيد ثم بدأت تتدحرج مثل كرة الثلج
.... أشعة نيرانها أضاءت أماكن متفرقة من المدينة البائسة.
بدأوا يتمتمون فيما بينهم:
اننا نسمع ما يحدث !
اننا
نرى ما يجري!
تعالت أصواتهم تدريجيا ....... صرخوا ملء
أشداقهم... تحول صراخهم الى هدير رعد قوي سمعه العالم بأسره ...
كأنهم يريدون أن يعرف الجميع بأنهم الآن
بصيرون ...
الذي حصل أن العالم بأسره كان منهمكا
بالتحديق طويلا في مرآة ضيقة !!
تأملوا المساحات المتاخمة من حولهم....
بدأوا ينادون:
الله
أكبر....
الله أكبر ... قالوها وهاماتهم مرفوعة ..
سرعان ما خرج من هناك .....
من العدم .... مخلوقات على شاكلة البشر .. رافعين
رايات داكنة.....
أقاموا سدا مانعا من الجماجم أمامهم...
توقف الجميع مرغمين ...
حينها صاح هؤلاء الآن :
آلهتنا أكبر ..
طأطئوا رؤوسكم اذا أردتم الاحتفاظ بها قالها زيرهم
بنبرة الآمر الذي يعني ما يقول.
التفت القوم
إلى الخلف بحذر شديد...
السلطان من ورائهم يلوح بسيف قاطع مثأثاً :
أنا ..الثلطان ....
أنا..
أكبر
!!
فرمز حسين
ستوكهولم
2015-01-09
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein
فرمز حسين
ستوكهولم
2015-01-08
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق