الجمعة، 15 يونيو 2012

المجلس الوطني السوري وطواحين الهواء


المجلس الوطني السوري وطواحين الهواء



فرمز حسين

في الوقت الذي ترتكب فيه المجزرة تلو الأخرى بحق الشعب السوري الثائر في بلدنا الجريح , يتوصل المتنازعون  في المجلس الوطني السوري إلى تنصيب السيد عبد الباسط سيدا لرئاسة المجلس لمدة ثلاثة أشهر. متناسين أن من يرأس المجلس هو أخر ما يفكر فيه أهالي الحولة والقبير والرستن ودرعا والحفة  وأهالي ريف دمشق وغيرها من المناطق الملتهبة .

توسّم  الحراك المعارض خيرا بالمجلس الوطني السوري في  بداياتها لكن سرعان ما تلاشت تلك الآمال و طفا على السطح حقيقة بعدهم عن صلب الحراك السياسي داخل الوطن, عدم قدرتهم على التواصل مع الشارع في المناطق الساخنة وفقدان القدرة الحقيقية على تمثيل المعارضة السورية التي تقود الاحتجاجات في المدن والبلدات السورية .كذلك لم تتمكن من عقد عرى الثقة مع الجيش الحر وبالتالي إمكانية القيادة كجناح سياسي فعّال ومؤثر يحمل معه أدوات المرحلة العصيبة و إمكانية التعامل مع المعطيات الإقليمية والدولية بما يخدم وتطلعات الشعب التواق إلى الحرية, الديمقراطية والعدالة الاجتماعية,  بنفس الوقت تملك الرؤى الواضحة لسورية المستقبل, وتعكسها بشكل واضح و شفاف إلى الداخل والخارج معا .

على الرغم من تواجد معظم أعضاء المجلس وأمانتها العامة في الخارج لا توجد لهم فعاليات تذكر والتي من شأنها ازدياد الضغط على الاتحاد الأوروبي لكي بدورها تقوم  بتضييق الخناق على الدول الداعمة للنظام البعثي وبالدرجة الأولى روسيّا. طرد السفراء السوريين مثلا من دول العالم كان من المفروض أن يحصل منذ أشهر عديدة و من خلال جهود أعضاء المجلس الوطني وليس بعد أن يدفع ثمن تلك الخطوة من دماء أطفال الحولة والقبير.

الخطوات التي اتخذها المجتمع الدولي ضد النظام من عقوبات اقتصادية ومقاطعات دبلوماسية حتى الآن جاءت نتيجة تمادي النظام وإيغاله في التعامل الوحشي مع المنتفضين من جهة وصمود شعبنا في وجه القمع بشجاعة أسطورية من جهة أخرى وليست منّة من مجالس أو هيئات أو شخصيات.

المجلس عاجز عن مواكبة الأحداث في الداخل وعدم القدرة على تمثيل الحراك في الخارج و ما وصل إليه من اعترافات تمثيلية هي نتيجة سعي المجتمع الدولي لإيجاد طرف يمكن الحوار معه في المعارضة السورية وليست نتيجة عمل حثيث للمجلس نفسه.

يحزّ في النفس كم من الوقت والجهد بذل منذ تأسيسه  في الصراع على من سيتبوأ ماذا؟ القوى السياسية التي تكسب المعركة في داخل المجلس,تخسر الحراك السياسي في داخل الوطن الذين لأجلهم وجد المجلس.

على الرغم من رسائل التهنئة من البعض  لسيدا التي لا تتناسب مع ظروف الألم والمعاناة التي يمر به بلدنا وشعبنا السوري لا يعني تبديل الأشخاص في قيادته شيئا ما دام التوجه العام للمجلس هو نفسه.

 المجلس الوطني السوري بتنوعه الفكري وبالقدرات المتوفرة لديه عليه مراجعة دفاتره مرة أخرى متذكرا بأنه على الرغم من المفارقات العجيبة والتحديات الصعبة يبقى الشعب السوري بكافة مكوناته في الداخل هم من يملكون مفتاح النصر.

2012-06-14

فرمز حسين

 مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم


Stockholm-sham.blogspot.com          

Twitter@farmazhussein 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق