السبت، 25 فبراير 2012









كيف نساعد  السوريين

كاتب المقالة : هوغو ديكسون

صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية العدد الصادر في 2012-02-20

ترجمة : فرمز حسين


عندما بدأت الثورة السورية , الناشطين تقريبا الجميع مارسوا الاحتجاجات السلمية ونبذوا العنف ورفضوا التدخل الخارجي. الآن وبعد مضي مايقارب السنة, تغيرت هيئة الثورة وسماتها. هناك احتجاجات, مقاطعات و إضرابات ومسيرات التشييع.لكن إستراتيجية المعارضة الرئيسية لإسقاط نظام بشار الأسد هي أن تصبح أقوى منه عسكريا. ولبلوغ مثل هذا الهدف, يطلبون ا لمساعدات الخارجية وهذا المطلب سيكون في سياق البحث خلال اجتماع أصدقاء سورية .

أن تغير المعارضة من إستراتيجيتها أمر مفهوم . لكنه أيضا مدعاة للأسف. القتل الذي لاينتهي والتعذيب قد أخذ يترك أثاره. حمص ,حماة, وبعض المدن السورية الأخرى تم قصفها من قبل قوات الأسد بطريقة وحشية شبيهة بالقرون الوسطى من فظاعتها.

لقد شاهد الناس التدخل العسكري في ليبيا, وكيف أن تلك القوة  (الناتو) قلبت الموازين لصالح الثوار, وساعدت  اللبيبين على التخلص من العقيد معمر ألقذافي. 

نظام الأسد ربما استسغى حقيقة تبني المعارضة  الكفاح المسلح, لان ذلك يؤدي إلى المزيد من التماسك داخل دائرة السلطة, وتشبث العلويين الذين يشكلون 10%من السكان, ومثلهم بعض الأقليات, المسيحيين مثلا بالنظام, ويصبح لدى النظام الذريعة للضرب بيد من حديد على المعارضين.

سوف يقوم النظام بارتكاب المجازر. ماذا بعد ؟ لقد نجحوا  بذلك في الماضي. الأسد الأب استطاع القضاء على التمرد في مدينة حماة منذ ثلاثين سنة بعد أن قتل مايقارب  20000 شخص.

الكفاح الغير مسلح قد أثبت بأنه يحظى بفرصة مضاعفة في النجاح وإسقاط الديكتاتوريات مقارنة مع الكفاح المسلح.

هذا طبقا للدراسات التي أجريت عن الفترة الممتدة من القرن العشرين وحتى بدايات القرن الحادي والعشرين.

/ لماذا المقاومة المدنية تنجح/ عن : ايريكا جينيويث, وماريا ستيفان. ومن بين الأسباب العديدة لنجاحها: أن الموالين للنظام يشعرون بتهديد أقل من الاحتجاجات السلمية ومن السهولة بمكان أن يغيروا مواقفهم وينضموا إلى الاحتجاجات السلمية,

التي يمكن حشد الملايين من الناس في صفوفها على طريقة غاندي: العصيان المدني بدل العمليات العسكرية.

إزاحة  الدكتاتور عسكريا أيضا ناجحة بعض الأحيان, جيينويث وستيفان وجدوا ذلك من خلال دراستهم.

خاصة عندما يتم ذلك بمساعدة من قوى خارجية.

المشكلة هي أن المذابح وأعداد الضحايا أكبر بكثير في الكفاح المسلح مقارنة مع الكفاح السلمي.

أيضا في الكفاح المسلح تنخفض فرصة الانتقال إلى نظام ديمقراطي سلمي في مرحلة مابعد سقوط الديكتاتورية.

كذلك التورط مع القوى الخارجية التي تساعد في إنجاح الثورة العسكرية , التي قد تطالب بعدئذ بالرقص على أنغام ربابتهم (أجندتهم).

مثل هذا التورط هي ما نشاهده ويحدث على الساحة السورية الآن.

النزاع ينزلق باضطراد نحو حرب طائفية أهلية, تؤلب فيها الغالبية المسلمة السنية من الشعب, ضد الأقلية العلوية التي هي فرع من  الإسلام الشيعة.

بنظرة سريعة الى الخريطة نرى سهولة زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة المتقلبة .

تركيا ودول الخليج  مسلمين سنة وهذه الانتهاكات الوحشية تنفذ بحق من ينتمون إلى طائفتهم.

إيران شيعة ,والعراق التابع الأصغر في الامتداد الشيعي لايريدون لرجلهم  في سوريا أن يسقط.

الغرب قلق من نتيجة  الصراع وتأثيرها على كل من إسرائيل وإيران. كما أنها تكن بعض التعاطف مع الشعب

السوري الشجاع الذي يتعرض للذبح.

في الطرف المغاير, هناك روسيا التي لا تحبذ فكرة الإطاحة بالحكام المستبدين, في الوقت التي تعاني هي نفسها من نظام مهتز في الداخل. هذه  الأمور ستقوم مجموعة أصدقاء سورية بمناقشتها . هناك الكثير من الأفكار على الطاولة كلها مشحونة بالمخاطر.

إحدى  الآراء المطروحة من الفرنسيين هي إقامة ممرات إنسانية آمنة التي من خلالها يمكن إيصال المساعدات إلى المناطق الملتهبة. المعضلة هنا أن مثل هذه الممرات ستحتاج إلى قوة عسكرية ضخمة لحمايتها.

خيار آخر: هو الحظر الجوي من جهة الحدود التركية حيث يتمكن اللاجئين والجيش الحر من التجمع هناك, ويكون بالتالي

قاعدة للهجمات المضادة على الأسد. على غرار مافعله الثوار الليبيون باستخدامهم بنغازي ضد القذافي. أيضا هنا يجب على القوات الأجنبية القيام بعملية الحظر الجوي.

الدول الغربية التي حديثا انتهت من عهدتها في العراق, تبدوا غير راغبة في القيام بتدخل عسكري.

هناك أيضا عقدة روسيا والصين الذين أكدوا على تصميمهم باستخدام حق الفيتو على أي قرار أممي يشرعن التدخل العسكري في سورية, عن طريق مجلس الأمن في الأمم المتحدة.

دول الخليج الغنية بقيادة قطر والسعودية ليس لديها التخوف , لكنهم ليسوا في موقع يمكنهم من إنزال قوات عسكرية تضاهي قوات الأسد. الدعم الرئيسي من طرفهم سيكون بتقديم المال للمعارضة السورية لشراء السلاح.

ربما إذا دخل سلاح متقدم وبحجم ضخم قد يؤدي بالنهاية إلى إسقاط الأسد.لكن حمام الدم سيكون فظيعا,

وقد تترك سورية في أيادي العصابات الإسلامية المتطرفة, كما كان الحال في أفغانستان عندما قرر الغرب تسليح المجاهدين كرد على الاحتلال الروسي عام 1979 .

الخيار الأقل سوءا هو أن يعود الثائرين إلى الكفاح السلمي( اللاعنفي). ودعمهم من الخارج بمزيد من العقوبات الاقتصادية

على أمل أن تتفتت المجموعة الموالية للأسد من حوله وبالتالي يصبح من السهل إزاحته من السلطة. بلاشك سوف يستمر قتل الشعب السوري. لكن عدد الضحايا ربما يكون أقل إذا ركزوا على تكتيكات مثل الإضرابات ,المقاطعات, بدلا من المظاهرات التي تجعلهم فريسة سهلة المنال لقوات النظام.

المنشقين من الجيش يمكنهم أيضا القيام بأعمال أخرى بدل الهجوم المسلح على النظام.  يستطيعون الانتشار ومحاولة حث وتشجيع المزيد من الجنود على الانشقاق.

مثل هذه العودة إلى الكفاح السلمي من الصعوبة منالها. النزاعات التي تحولت إلى الكفاح المسلح نادرا ما تعود إلى النضال السلمي.

ربما الأكثر شهرة من بين تلك الحركات ,كانت معركة الكفاح ضد الفصل العنصري (جنوب أفريقيا). لكن التغيير في استراتجيتها استغرقت عقودا من الزمن.

مع ذلك يبقى الخيار الآخر (العسكري) لسورية وللمنطقة  هي كالشبح المروع.



كاتب المقالة : هوغو ديكسون

صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية  العدد الصادر في  2012-02-20

ترجمة : فرمز حسين

ستوكهولم

                                                                                                                           




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق