الاثنين، 7 مايو 2012

كردستان الدولة الغير موجودة (وطن بلا دولة)


قراءة سريعة في:
 

 كردستان الدولة الغير موجودة (وطن بلا دولة)

للكاتب والدبلوماسي السابق انغمار كارلسون

فرمز حسين

 انغمار كارلسون الكاتب السويدي الذي عمل في السلك الدبلوماسي بين 1967- 2008,   سفيرا في دمشق,براغ,بون, الجزائر,بكين والقنصل العام في استانبول والآن على ارتباط بمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة لوند في السويد. كتب العديد من الكتب حول الدين والسياسة.

يقول  انغمار كارلسون في مقدمة كتابه المكون من 240 صفحة من القطع المتوسط بعنوان كردستان الدولة الغير موجودة ,  والذي كتبه عام 2008 أثناء عمله في استانبول  بأن:

(  تعداد الكرد يتراوح مابين 25 إلى 30 مليون وعلى الرغم من معيشتهم خلال الآلاف من السنين في منطقة جغرافية متصلة بمساحة أكبر من السويد لم يصبحوا أبدا مستقلين ويشكلون الآن اكبر شعب في العالم بلا دولة خاصة بهم. الآن المنطقة الكردية مقسمة بين أربعة دول  تركية, إيران, عراق وسورية . مسألة واحدة تجعل هذه الدول تتفق وتتوحد وهي  الوقوف في وجه الطموحات القومية الكردية  . أما الكرد في هذه الأقسام الأربعة فهناك شيئان مشتركان بينهم : الشعور بوحدة الهوية الكردية ولو بدرجات متفاوتة , و احتياج  كل منهم إلى الأغلبية القاطنة معهم في دولهم.

 يضيف الدبلوماسي العريق أيضا في مقدمة كتابه التي أريد أن أوصفها بالرؤية المختزلة للقضية الكردية أكثر من كونها مقدمة قائلا بأن:

المسألة الكردية  ليست قضية كفاح  أقلية كردية  ضد أغلبية في تلك الدول التي يعيشون فيها , كما لا يتناسب أيضا تصنيفها ببساطة كقضية كفاح مظلوم  ضد ظالم , بل أنها مليئة بالتناقضات والتعقيدات, هناك  التناحرات  القبلية, اختلاف اللغات ( هنا يقصد الكاتب اللوري ,الظاظا ,الصوراني والكرمانجي,) الأنظمة الاجتماعية المنافسة , الأعراف  من العصور الوسطى, القمع¸ كذلك مفاهيم القومية المثالية والانفصالية,السياسيين المحافظين والحركات الراديكالية. تضاف مشكلة أخرى إلى المعضلة الكردية وهي أنهم يقطنون في مناطق ذات أهمية إستراتيجية واقتصادية وغالبا ما استغلت أو سمحت بأن تستغل من قبل الدول المجاورة والقوى العظمى المتنازعة.

كما أن الكاتب في أكثر من مناسبة يشير إلى غياب  الشخصية الريادية القومية بين الكرد إذ يقول:

الكرد وعلى مر تاريخهم الطويل افتقدوا للشخصية القومية الملهمة والمستقطبة لتوحيد للأمة. لا يوجد  حتى الآن من استطاع أن يأخذ هذا الدور أو  تمكن من  أن يقوم بدور الزعيم الملهم  للكرد والقائد و الممثل للفكر القومي الكردي العام. بدل ذلك عكست القيادات فكر الزعامات العشائرية. حتى في المنطقة الكردية في العراق التي هي عمليا مستقلة أيضا هناك من السابق لأوانه أن نقول بأن سياسيين مثل جلال الطالباني و مسعود البرزاني استطاعوا أن يرتقوا من دورهم كزعماء عشائر وأمراء حروب إلى رجال دولة كرد, الطرفين قاتلوا بعضهم البعض مثلما قاتلوا الأنظمة العراقية التي أنكرت الحكم الذاتي  للكرد.

دولة قومية تشمل جميع أجزاء المناطق الكردية التي يعيش فيها الشعب الكردي الآن تبقى للأسباب التاريخية والواقعية السياسية مجرد خيال مثل المدينة الفاضلة.

يتناول الكاتب الجانب التاريخي للمنطقة  بشكل تفصيلي مبتدأ من  السومريين والبابليين  والأثوريين ,حيث تم ذكر كورتي وبلاد باسم كار داكا قبل أكثر من ألفي عام قبل الميلاد في كتابات الاّثوريين والسومريين  وكان لهم سيطرة على أجزاء كبيرة من ميزوبوتاميا .
من تسمية  الكرد إلى سرد الأساطير الكردية مرورا بالميديين الذين تم ذكرهم في الكتب الأثورية 800 ق م  , الوصول إلى الإمبراطورية الساسانية الايرانية226   م  ,الغزو العربي لميزوبوتاميان في 637 م  , اعتناق الإسلام  مابين عام 639-644 م , ثم إلى الخلافات الإسلامية التي بدأت باستلام العباسيين للحكم في القرن السابع الميلادي وصولا إلى العثمانيين و الانتفاضات الكردية حتى معاهدة سيفر واتفاقية لوزان  وانتهاء بتوزيع المنطقة الكردية بين أربعة دول حيث يقوم الكاتب بعد ذلك بتناول كل من الدول الأربعة على حدة:  تركيا, إيران, عراق, سورية.

ويضيف الكاتب تحليله عن فشل الانتفاضات بقوله أن:

الانتفاضات الكردية سقطت الواحدة تلو الأخرى لأنها  كانت دون مستوى الدولة العثمانية  استراتيجيا ومن حيث السلاح والعتاد من ناحية  ومن ناحية أخرى والأكثر أهمية  هي أن أمراء الكرد المنتفضين كانت انطلاقاتهم  متأثرة بالحوافز الشخصية والقبلية ولم يكونوا منطلقين بوحي كفاحي قومي وبدافع الكردايتي. (هنا أريد أن أنوه بأن الكاتب استعمل كلمة الكردايتي

  نفسها في كتابته بالسويدية) . إرادة التعاون في القتال مع أمير كردي أخر كانت لا تزيد عن إرادة الانضواء تحت لواء العثمانيين.

في الوضع السوري يبدأ الكاتب أيضا بالحديث عن الوجود الكردي على أراضيه والذي يمتد على مدى الذاكرة خاصة في منطقة كوياني وكرداغ  مع مدينة عفرين شمالي غربي حلب أما في منطقة الجزيرة فهناك قسم كبير  نزحوا إليها  من تركيا في العام 1920 وما بعد من تركية في أعقاب الانتفاضات الكردية هناك.

بالإضافة إلى التواجد الكردي الكبير في دمشق والذي يعود تواجدهم فيها إلى أيام الأيوبيين, وتواجد مماثل في حلب.

في التقرير السنوي  1937   الصادر عن سلطات الاحتلال الفرنسي كانت الإحصائيات السكانية  في الجزيرة على الشكل التالي:

 42000 نسمة مسلمين عرب, بشكل رئيسي بدو رحل ومربي المواشي ولكن مع ازدياد في أعداد الذي يتحولون إلى سكان قرى.

82000 كرد بشكل رئيسي سكان قرى.

32000 مسيحيين بشكل رئيسي سكان القامشلي والحسكة ويعملون في الحرف الصناعية والتجارة.

لم  تكن هؤلاء المجموعات الثلاثة متجانسة.

5 ا أكتوبر 1962 أجري إحصاء للسكان في محافظة الجزيرة. كان الدافع هو أن الوجود الكردي شكل قلقا على الهوية العربية للمنطقة وبأن الكرد مندسين من قبل الأتراك ويريدون غزو المنطقة من جديد . لذلك ليس لهم الحق في الحصول على الجنسية بشكل آلي .لم يتم الإخبار عن موعد الإحصاء ولا نشر للمعلومات حول كيفية تثبيت بياناتهم وبذلك لم يتمكن البعض من العثور على الوثائق المطلوبة لإثبات وجودهم على الأراضي السورية قبل عام1945  .

في أغلب الحالات لجأ القائمون على الإحصاء بالحصول على المعلومات من المختار في كل قرية والسؤال عن الأهالي الذين سكنوا قبل عام 1945 مما منح الأغوات الفرصة للانتقام من بعض الأشخاص الذين لم يكونوا على وفاق معهم من خلال الإدلاء ببيانات زائفة  في حق الكثير من العائلات,  لذلك نرى أن أحد الأبناء حاصل على الجنسية وآخر فاتته الفرصة. ويردف الكاتب قوله بأن:

ذلك الإحصاء السكاني أدى إلى التغيير الرسمي للواقع الديموغرافي , بين ليلة وضحاها فقد أكثر من 120000 -150000 من الكرد لجنسيتهم السورية  وتحولوا إلى محرومين من الجنسية , الحالة التي تم توريثها فيما بعد إلى أولادهم  وأحفادهم , هذه الوضعية جعلت من الكرد عرضة لممارسات التمييز العنصري بحقهم في مختلف النواحي المعيشية.

يستمر الكاتب في شرحه للشأن الكردي السوري إذ يقول:

عند وصول حزب البعث إلى السلطة 1963 بدأت بقيادة حملة ضد الشعب الكردي في الجزيرة تحت شعار :

(أنقذوا الجزيرة قبل أن تتحول إلى إسرائيل ثانية). أول إجراء قام به حزب البعث الحاكم كان بأن أرسل فرقة عسكرية سورية باسم اليرموك إلى العراق لمقاتلة الكرد وقائدهم البر زاني بحجة أن هذا الأخير يريد إنشاء إسرائيل ثانية على الأراضي العربية.

وفي نوفمبر من نفس العام نشر حزب البعث الحاكم برنامج كتابي بعنوان: (دراسة حول محافظة الجزيرة من وجهة نظر قومية, اجتماعية وسياسية). عن هذه الوثيقة قال المؤرخ الكردي عصمت شريف وانلي بأنها: ( النسخة السورية ل كفاحي).

حيث تم وصف الكرد في برنامجهم : بأنهم أناس متوحشين وهم مثل الورم السرطاني الذي ينتشر في الجسم العربي . على الرغم من الروابط الدينية فان الكرد هم أعداءنا ولا فرق بين كردستان و يهود ستان, وللقضاء على الورم السرطاني فيجب تنفيذ خطة من اثني عشر نقطة:

1-  تهجير الكرد من أراضيهم

2-  حرمانهم من التعليم, بما فيها اللغة العربية.

3 –  تسليم الكرد المطلوبين لتركيا من خلال تسفيرهم  .

4-  الحرمان من فرص العمل.

5-  البدء بحملة دعائية معادية للكرد.

6-  تبديل القادة المحليين من رجال الدين  الكرد بآخرين عرب.

 7-  ممارسة سياسة فرق تسد بين  الكرد.

8-  توطين العرب في المناطق الكردية.

9-  إقامة الحزام العربي على طول الحدود مع تركية.

10-  إقامة الزراعات الجماعية للمستوطنين العرب.

11- المعرفة باللغة العربية شرطا للتصويت والحصول على الوظائف العامة.

12- غير العرب الذين يريدون السكن في المحافظة يجب نزع الجنسية منهم.

الكثير من هذه الاقتراحات تم تنفيذها, الحزام العربي نفذ 1973 على الحدود مع تركيا والعراق وتم تقديم الدعم والامتيازات للمستوطنات العربية التي تم نقلهم من حوض الفرات في الرقة وذلك بغرض التفوق على السكان الأصليين.

يستمر الكاتب في تحليله عن مسألة الكرد السوريين  مضيفا بأن:

واقعا سياسيا جديدا للكرد السوريين بدأ مع لجوء قيادة حزب العمال الكردستاني عام 1980 الى سورية وحصلت المنظمة على مراكز للتدريب في منطقة البقاع اللبناني والتي كانت تحت السيطرة السورية.

حزب العمال الكردستاني كمنظمة تبنت النظرة الرسمية للحكومة السورية باعتبار الكرد في سورية فعلا لاجئين قدموا من المناطق الحدودية التركية المتاخمة لسورية وأن لا وجود لكرد سوريين أصليين. في مقابلة مع  أوجلان 1996 صرح بأن السوريين والكرد يريدون أن يشاهدوا عودة هؤلاء إلى ديارهم , الأمر الذي قوبل بالاستنكار من قبل الكرد الذين سكنوا في سورية منذ مئات السنين وكذلك من القسم الذي نزح بعد العام 1920 , استغلال سورية للتنظيمات الكردية كوسيلة في يديها لم يكن مقتصرا على (ب ك ك) بل شمل أيضا  حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ( ب و ك) بزعامة جلال الطالباني..

ويستكمل الكاتب سرده عن الموضوع نفسه بأن: القوميين الكرد في سورية لم يكن في مقدورهم الحصول على المساعدة من الناشطين في الأجزاء الأخرى المجاورة , ذلك لان تلك التنظيمات كانت غالبا بحاجة إلى الدعم السياسي والمادي , من خلال السماح لهم بإقامة قواعد على الأراضي السورية ولم يكونوا على استعداد للتضحية بعلاقاتهم مع دمشق. هذا الشيء لا يخص( ب ك ك) و(ب و ك) فحسب بل حتى( ك د ب)  بزعامة البرازاني أحيانا.

يتطرق بعدها الكاتب للحديث عن الكرد في لبنان والقوقاز.

ويختم  كارلسون كتابه بأن العولمة جاءت لصالح الكرد , خلال جيل واحد انتقلوا من المجتمعات القبلية التي كانت تقودها الشيوخ والأغوات ,إلى مجتمع مليء بالعديد من القنوات الفضائية بالكرمانجي والصوراني .



دولة كردستان الكبرى تبقى مجرد خيال مثل المدينة الفاضلة والذين يحلمون بمثل ذلك عليهم أن يفكروا بالمثل الكردي القائل :

 إذا أغلق الله بابا, فتح ألفا! 





إعداد, تقديم وترجمة الاقتباس: فرمز حسين

           

Farmaz_hussein@hotmail.com              

Stockholm-sham.blogspot.com               

twitter@farmazhussein   















تنويه

المقالة المترجمة تعبر حصرا عن ايدولوجية كاتبها فحسب. المترجم

                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق