العروس جميلة لكنها على ذمة رجل آخر
والصهيونية ايدولوجيا في طريق مسدود
فرمز حسين
العروس جميلة لكنها على ذمة رجل آخر , والصهيونية
ايدولوجيا في طريق مسدود , هو عنوان الكتاب الجديد للكاتب السويدي والدبلوماسي
السابق والخبير في شؤون الشروق الأوسط انغمار كارلسون الذي كتب العديد من
الكتب حول الدين والسياسة . يقول الكاتب على الرغم من عدم التحمس والتباينات الكبيرة حول فكرة إنشاء
وطن قومي لليهود نجح تيودور هيرتزل عام 1897 في جمع قرابة 200 شخصا إلى المؤتمر
الأول للصهيونية في باسيل بسويسرا. حيث تم
تأسيس المؤتمر الصهيوني العالمي وانتخاب هيرتزل رئيسا لها. الهدف من تأسيس المؤتمر
كان إقامة دولة يهودية في فلسطين.
بعد الانتهاء من المؤتمر أرسل الكهنة في
فيننا اثنين من رجالاتهم بمهمة الاطلاع على الواقع إلى فلسطين ومن هناك أرسلا برقية يقولان فيها: (العروس جميلة لكنها على ذمة
رجل آخر).
المقصود بالطبع هي أن فلسطين بلاد جميلة لكن عليها
شعبها العربي الذي يعيش على ترابه
هذا الرد لم يخيف هيرتزل الأب الروحي للحركة
الصهيونية أو يثنيه عن عزمه فقد كان معتقدا بأن اليهود يستطيعون إقامة دولتهم
وعليهم العمل للحصول على مساعدة دولة عظمى أو أكثر من دولة , هيرتزل الذي قال بأن المعاديين للسامية هم أفضل
أصدقاءنا كان شبه متأكد من إمكانية الحصول على تلك المساعدة وذلك للأسباب التالية:
المصلحة الامبريالية المشتركة بين اليهود
والقوى العظمى.
وطن قومي لليهود سوف يساهم في تخفيض الهجرة
من أوروبا الشرقية والتقليل من العداء للسامية.
حركة يهودية منظمة يمكن استخدامها لمكافحة
الحركات الراديكالية والانتفاضات الثورية.
جدير بالذكر بأنه بعد قضاء 6 سنوات على أول
مؤتمر صهيوني عرض البريطانيون على هيرتزل إقامة دولة يهودية في
منطقة من اوغندة, وأصبح المؤتمر الصهيوني طرفا في المعادلات السياسية.
هيرتزل توفي عام 1904 في فييننا, كان قبل
وفاته قد سعى إلى دعم الفاتيكان لإقامة دولة يهودية لكن البابا رفض بقوله: اليهود
لم يعترفوا بسيدنا المسيح ونحن لا نعترف باليهود.
ويستمر الكاتب بقوله بأنه:
خلال الحرب العالمية الأولى حصلت الحركة
الصهيونية على قائد جديد (حاييم وايزمان). الذي لولا جهوده ربما لم يكن تحقيق حلم هيرتزل بوطن قومي لليهود في فلسطين
ممكنة. وايزمان ومن خلال صلاته القوية مع القياديين من الساسة البريطانيين استطاع
أن يقنعهم بتوافق الرؤى الصهيونية مع
المصالح الإستراتيجية البريطانية في مناطق مستعمراتها.
تصريح وايزمان بان الانتداب البريطاني يجب أن
يمتد ( من الدان إلى بئر السبع) خلقت
المشاكل المتعاقبة للخبراء في المراجع الدينية لكي يتوصلوا إلى ما يعنيه من
الحدود. من خلال الأحداث يبدو وكأن ذلك
كان يتماثل مع ما قدمه وايزمان قبل انعقاد مؤتمر فرساي يناير 1919 م للبريطانيين والتي كانت على الشكل التالي:
من الشمال حتى نهر الليطاني لبنان أيامنا هذه
وتستمر حتى منطقة حوران في سورية شاملا بذلك مصادر المياه في نهر الأردن والسواحل
الشرقية من الأردن حتى الطريق الحديدي بين دمشق والحجاز في السعودية وجنوبا حتى خط
العريش في ساحل البحر الأبيض المتوسط وخليج العقبة على البحر الأحمر.
يقول وايزمان أن وعد بلفور هو الإطار الذي
يجب أن يملأ من خلال جهودنا نحن. والذي يمكن أن يتكون مما نريده وبالمعنى الذي
نريد نحن أن يعطي. لا أقل ولا أكثر. متى وكيف نريد دولتنا الخاصة بنا أن تكون, ذلك
يتوقف على ما نبديه من الصبر والعمل الدءوب.
وايزمان قال في خطاب له بلندن : أومن بان الدولة اليهودية سوف تتحقق ليس
من خلال البيانات السياسية بل من خلال عرق ودماء اليهود. وعد بلفور هو المفتاح
الذهبي الذي يفتح لكم أبواب فلسطين ويمنحكم الفرصة لبذل الطاقات في داخلها. ويكمل
قوله: سوف نهيئ الظروف للمهاجرين اليهود بالمجيء إليها وفي المحصلة سيتكون مجتمع
يهودي في فلسطين وتصبح فلسطين يهودية بقدر ما انكلترة انكليزية وبقدر ما أمريكا أمريكية.
ثم يردف وايزمان قائلا : أتأمل أن يكون حدود اليهود في فلسطين واسع بحجم الطاقة
الجامحة لليهود في اكتساب فلسطين.
جاءت سياسة بن غوريون داعمة لوايزمان منذ عام 1927 بالعمل على تكريس الهجرة اليهودية إلى
فلسطين وتوطينهم
يقول الكاتب: عندما ناقش يهودا ماغنس مرة أفكاره
حول اقامة كيان يهودي مع خليل السكاكيني أحد القادة المسيحيين الفلسطينيين أجابه
الأخير برواية الحكاية التالية: رجل كان على ظهر حماره يسير في الطريق فالتقى برجل
غريب يسير على أقدامه وعرض عليه الركوب معه وحين صعد الرجل وركب على ظهر الحمار
قال له ما أسرع حمارك ! بعد مسافة من الركوب معا أردف الغريب قائلا ما أسرع حمارنا,
حينئذ طلب صاحب الحمار من الغريب أن ينزل فورا !
لماذا قال الغريب متسائلا؟ أجاب صاحب الحمار لأنني
خائف من انك قريبا ستقول ما أسرع حماري!
. اختيار الكاتب لهذا العنوان هو تكريس لمبدأ
اغتصاب الأرض الفلسطينية. الاغتصاب عن
سابق الإصرار والتصميم وذلك من خلال رسالة مبعوثي الكهنة اليهود أنفسهم , تشبيه
فلسطين الأرض بالمرأة الجميلة والتي لديها
رجلها يعطي الدلالة المزدوجة على حقيقية الألم والظلم الذي لحق بالمرأة والزوج
معا, الأرض والشعب. الأرض تعرض لتقطيع الأوصال والشعب الفلسطيني تحول الى عرضة للمعاناة
والتشرد ورحلة طويلة من التشتت والعذاب كنتيجة حتمية تخلفه هكذا جريمة.
انغمار كارلسون يكشف أيضا ازدواجية الصهيونية كايديولوجية والفارق الكبير بين زيف
ادعاءاتها بالسعي إلى تأمين وطن مسالم ليهود العالم وفكرة إسرائيل الكبرى من خلال الاستمرار في سياستها الاستيطانية , و ممارساتها
العسكرية في الضفة الغربية وغزة الفلسطينيتين.
حدود
دولة إسرائيل كانت ومازالت حتى الآن مسالة مبهمة للكثيرين وبعد مضي أكثر من نصف
قرن لم يصرح مسئولا إسرائيليا بشكل رسمي عن الحدود التي تنتهي عندها دولة إسرائيل,
الأمر الذي يخلق التربة الخصبة لاستمرار القلق
والتوتر في المنطقة ونموها!
الكتاب يشتمل على 350 صفحة من القطع المتوسط
وبه يكون انغمار كارلسون قد أثرى التوثيق التاريخي للمعاناة التي مرّ فيها الشعب
الفلسطيني بكتاب جديد ومن وجهة نظر خبير محايد.
2012-05-23
ستوكهولم
فرمز
حسين
مترجم وكاتب سوري
مقيم في ستوكهولم
Stockholm-sham.blogspot.com
Twitter@farmazhussein
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق