الثلاثاء، 6 مارس 2012


 
سورية أم الدنيا،عذرا يا مصر!



سورية مهد الحضارات وأم الدنيا، هذه المقولة تنسجم مع الواقع الذي يفرضه الاعصار السوري اليوم، أكثر من أي مكان أخر في العالم. لذلك أقول عذرا يامصر !

الأزمة السورية أصبحت المحك، هناك على بوابات دمشق العديدة ستتساقط الأقنعة ،الواحدة تلو الأخرى سيطفو  النفاق السياسي على السطح ،  تظهر في الوقت نفسه أن الشرق والغرب السياسي وليس الجغرافي بالطبع ، في النتيجة كلهم متفقون وان بدا الخلاف ظاهريا.
يذهب نظام الأسد يأتي المتطرفون الإسلاميون. هذا الذي يوحّد من قرارهم!

 عندما يضطر الساسة للاختيار بين  المبادئ  والمصالح السياسية، الخيارالثاني هو الذي يتم الاعتماد عليه.

الموقف الذي اتخذتهما روسيا والصين كان مؤلما، لكن نوعا ما بعيدا عن النفاق السياسي، فهما وبكل صراحة لايروق لهما فكرة الإطاحة بحاكم مستبد والتحول إلى  اّخر ليبرالي، الخوف من قدوم ربيع روسي أو حتى صيني هو أقرب اليوم من أيّ وقت مضى.

لكن الغرب  الديمقراطي والليبرالي الذي يضع حقوق الإنسان ، العدالة، المساواة، الخ ،الخ في قائمة أولويات ثوابتها الفكرية.   أين يقف الغرب فعليا من ثورات الربيع العربي؟

الدول الغربية كانت وما تزال الداعمة الأولى  للدول المستبدة والأنظمة الديكتاتورية ولم تكن في يوم من الأيام مسألة  حقوق الإنسان في تلك الدول تعني لها الكثير ، مقابل مصالحها السياسية . هذا الدعم كان من بين أهم أسباب النقمة لدى الشباب العربي والمسلم من الغرب. لقد أدى ذلك أيضا إلى سهولة تعبئتهم من قبل الأصوليين  .

لم تحاول الدول الغربية، خاصة أمريكا استيعاب هذه المعاناة،  لدى العامة من الشعوب المضطهدة في العالمين العربي والإسلامي. المعاناة من غياب العدالة الاجتماعية ، التي تعتبر توفرها من  مقومات الحياة الكريمة ،في قرية دولية أصبحت شفافة جدا بفضل التطور التقني، شاء من شاء وأبى من أبى،  مع عصر سريع من العولمة وسهولة انتقال المعلومات.

الآن لو نظرنا إلى المشهد السوري الجريح، في البدايات بدا موقف أمريكا وأوروبا ميالا إلى التغيير وادّعت تلك الأنظمة التعاطف مع الشباب السوري الشجاع. لقد رأت أن ذلك سوف تشكل ضربة غير مباشرة على إيران، حزب الله وحتى حماس التي لم تكن قد أعلنت عن موقفها من الحكم في سورية الا مؤخرا.

 في المقابل حاول النظام السوري  منذ بداية الاحتجاجات ، التهديد من أن الأصوليين هم وراء أعمال العنف في البلاد ، ولقد كان ولا يزال على يقين بأن الدول الغربية سوف ترتعد فرائسها لمجرد التفكير بامكانية  الإسلام المتطرف (القاعدة) من اكتساب موطأ قدم ، في سورية بموقعها الجيوسياسي الملتهب. عندئذ ستفضل الانحياز للنظام أو على الأقل تقف متفرجة.

العامل الذي ساعد على زرع الريبة والخشية عند الغرب ، هو تقدم الأحزاب الإسلامية في كل من مصر، تونس ،ليبيا، وخطر القاعدة في اليمن . أي دول الربيع العربي ، كأن به تسلسل سورية في الثورات العربية، شكلت أيضا نوعا من سوء الطالع على القوى المطالبة بالتغيير الديمقراطي.

عند قرائتي لمقالة (هنا مكمن التنين) للكاتب الأمريكي توماس فريدمان  ،شعرت وكأني  أسبر مايجول في خلد الغرب من تفكيرمتهاون ، وكيف أن أمريكا وأوروبا قد بدأت بالتململ من نتائج الثورات العربية والى ماستؤول اليها، وكأن بها تتمنى أن الربيع لم يأت .

ربما يقول البعض  بأن هذه  المقالة تعبر فقط عن رأي أو موقف كاتبه. 

باالتاكيد هو رأي الكاتب وموقفه، لكن بالنظر عن كثب إلى تطورات  المحنة السورية، نرى أن مواقف الدول الغربية الرخوة، التي تخطوا خطوة إلى الأمام وأكثر من خطوتين إلى الوراء،  نتأكد من الموقف الغربي عامة والأمريكي خاصة ، بأنّه قد بدأ يأخذ منحى أكثر تخاذليا . يريدون التخلي عن الثورة السورية، وهذا الموقف شبيه جدا بموقف كاتب المقالة ،التي قمت بترجمتها إلى العربية بكل دقة ومسؤولية ،والتي أتمنى أن تقرا قراءة نقدية.  

ما يعزيّ في النفس أن الشعب السوري البطل ، هو الذي يصنع ثورته  ومستقبله.

لو كان القرار لأمريكا والدول الغربية الأخرى أو حتى الشرقية، لبقي مبارك ،زين العابدين ،علي عبدا لله الصالح والقذافي على عروشهم.

فخرا لشعب إرادته تهزم ترسانات الشرق والغرب!





فرمز حسين

2012-03-06  ستوكهولم                                                                                                                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق