الجمعة، 9 مارس 2012


الربيع العربي أينع كرديا


  1. عاد بعد سبع سنوات أفول  
 


الهدوء الذي يسبق العاصفة كان مخيما على دمشق ،على الرغم من أن الشوارع كانت مكتظة بالمارة والسيارات على حد سواء.
أن تحس بالسكينة  على الرغم من الضجة من حولك ذلك يمنح  الموقف استثنائية حقيقية.

  الثورة التونسية كانت للتو قد تفتحت  ياسمينها ، وبن علي   فهم  ورحل مع حقائبه. 
حسني مبارك  ( لم يكن ينتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة)، قالها الرجل مرات عديدة،  بامتعاض وبسحنة تنم عن دهشة وخيبة أمل من جحود المصريين، الذي فنى عمرا في خدمتهم. على الرغم من ذلك ، أجبر على التنحي.
علي عبدا لله الصالح  كان قد بدأ صياحه:  فاتكم ...... القطار، على الرغم من أن اليمن  يفتقد أساسا إلى سكة حديد.
القذافي وولده كانا متأكدان من أن ليبيا ليست تونس ولامصر. 

كان هذا في ذلك اليوم الربيعي من منتصف شهراّذار 2011 من أيام دمشق الجميلة.
اللهم لانسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف  فيه ، ردد الحاج البدين وهو يناولني صحن النابلسية ، (تفضل عمو، تفضل) .ثم استمر في حديثه مع شاب إلى جانبه ، الذي ظننت بأنه ابنه،( مسكوهن يابني والله عم يقولوا في بينهون وحدة ست ما بعرف من بيت الأتاسي، و واحد استاذ جامعة ).
علمت فيما بعد بأن الرجل كان يقصد السيدة سهير الأتاسي والاستاذ طيب تزيني ، عند مشاركتهم في الاحتجاج أمام وزارة الداخلية. 
الإحساس بأن شيء ما سوف يحدث، كان موجودا لدى المواطن السوري  العادي  !
(لقد سحبوا جميع دفاتر المخالفات من شرطة المرور، يأخي الحكومة مابدها تستفز المواطنين)، هذا ما قاله سائق سيارة الأجرة ,التي استقلناها بعد تناولنا للنابلسية في محل الحلويات القريب من ساحة المرجة.أنا وصديقي الدمشقي الذي كان يرافقني
لم ننبس ببنت شفة.
هذا الإحساس استطاع أيضا أن يعبر الأسوار إلى داخل القصر الجمهوري.

مستحيل أن يستمر هذا البلد بمعزل عمّا يجري من حوله. على وجه الخصوص مايحدث في البلدان العربية
التي تخضع لحكومات مشابهة.
حتى الأزمة الاقتصادية العالمية لم تمر من سورية!  حسب تصاريح المسؤولين السوريين
لكن هذه المرة جاء ت ساعة الصفر، لكن 
تسلسل سوريا في ثورات الربيع العربي جاء لصالح النظام ، الذي هيأ  العدد والعتاد، وحاول الاستفادة من التجارب السابقة .
 أستطيع أن أجزم بأن هناك كتاب مخبأ في مكان سرّي ، خلّفه قائد الحركة التصحيحية . يلجأ إليه النظام كلما أحس بأن بعض الأمور بحاجة إلى التصحيح،  فيأخذ منها صفحة أو اثنتين  وبذلك تنفرج الأمور إلى إشعار آخر.
 للحقيقة وللتاريخ يجب أن لاننسى بأن ربيع انتفاضة الكرامة بدأ كرديا سوريا، وتحديدا من القامشلي المدينة الكردية الوديعة.
منذ ثمانية أعوام وتحديدا في 12-آذار 2004
كان قد مضى قرابة العام على سقوط تمثال الطاغية صدام حسين ، في ساحة الفردوس ببغداد. التغييرات التي جرت على الساحة العراقية بشكل عام ، الدور الكردي العراقي المتناسق مع أمريكا ، والتقارب التركي السوري، هذه العوامل كلها أدت إلى ازدياد الغل والحقد على أبناء الشعب الكردي السوري، الذي عانى ومازال يعاني الأمرّين على  يد السلطة الديكتاتورية. من سياسة التمييز العنصري، التعريب ، مصادرة الأراضي، التجريد من حق المواطنة ، العمل الممنهج والمدروس على إجبار الكرد للتبعية الاقتصادية ومحاربتهم في لقمة عيشهم  .
الإسهام الحثيث على محاولة تفتيت النسيج الكردي الاجتماعي و السياسي ، من أجل تشتيت واضعاف الحركة الوطنية الكردية، زرع الشك والريبة بين المواطنين , من خلال وضع بعض ضعاف النفوس والانتهازيين  كمخبرين وعواينية، شاملا بذلك جميع
 نواحي الحياة ،هذا النهج العدواني خلق بيئة معاشية مليئة بالاحتقان.
  كل هذه الممارسات الشوفينية،  لم ترضي سادية النظام ، فأبى الا أن يفتك بالشعب الكردي ظنّا منه أن ذلك سوف يجعله  ذليلا مسلوب الإرادة.
النظام كان يحس بوحدة  الحال مع حكم صدام  المنهار, على الرغم من العداء التاريخي الذي كان بينهما على مدى عقود طويلة.
 إحساس نظام البعث بالخوف والهلع من أن ينال مصير صدام، وكابوس وجود الجيب الكردي السوري ، وما يمكن أن يقوم به أكراد سورية ، من دور مماثل لما قام به إخوانهم في كردستان العراق ، قضّ مضجع بشار وأعوانه.
هذه التوجسات التي كانت قد سيطرت على مخيلة السلطة الحاكمة في دمشق، جعلتها متوترة ، متشنجة، مما زاد ها عنفا وهمجية،
 والتي تفجرت مع مباراة كرة القدم  في القامشلي . لاداعي أن نكرر ما يعرفه الجميع عن ممارسات النظام الوحشية ضد أبناء شعبنا الذي قدم عشرات الشهداء، ومئات الجرحى والآلاف  من المعتقلين . لكنه فشل في  أن ينال بغيته الحقيقية ، وهو كسر إرادة شعبنا ، على الرغم من الاستمرار في ممارسة أعماله الانتقامية بحق الكرد.
سورية السجن الكبير لجميع أبنائه  بكافة مكوناته .  كان دائما للكرد حظ  في سور إضافي ، من القهر والاضطهاد في هذا السجن.  لا لشيء فقط لكونه  كردي.
 لم يتورع النظام من محاولة تأليب الأخوة  العرب والمسحيين ضد الكرد. ونظرية  المؤامرة،
وفلسفة التخوين ، والعروبوية، الخ من الاسطوانة المشروخة.
الربيع بدأ من أزقة وأحياء القامشلي ، مرورا بباقي المدن الكردية ، ومناطق التواجد الكردي في عموم سورية. لقد واجه شعبنا اّلة القمع الأسدية البعثية بمفردهم، لكنهم لم يسكتوا على الضيم.
الكرد كانوا ومازالوا في صدارة الثورة السورية ، ضد الديكتاتورية ومع التغيير إلى الديمقراطية والتعددية السياسية والاعتراف الدستوري بحقوق الكرد كثاني أكبر قومية في سورية.
إذا حاول البعض التقليل من شأن الدور الكردي في الاشتراك  بالحراك السياسي ، فهم واهمون، لأن النظام يحس بالزخم الكردي ويعاني منه. عامودة كانت المدينة الثانية التي ناصرت درعا ، ومشعل التمو أول زعيم سياسي يستشهد في الثورة السورية.
التكاتف الكردي مع باقي الأطياف المعارضة ،يساهم بشكل كبير في إضعاف الاحساس بالهيمنة عند السلطة ، وسعيها اليائس لاخماد الثورة.
 انه مدعاة عز وفخار، أن ينادي شباب عاموده والقامشلي وبصوت واحد:  بالروح بالدم نفديك يا درعا يا حمص ويا حماة.





فرمز حسين  ستوكهولم


Stockholm-sham.blogspot.com


twitter@FarmazHussein

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق